تقارير وتحقيقات
التعديلات الجديدة للإيجار القديم تهدف لتحقيق توازن بين الملاك والمستأجرين
يُعد قانون الإيجار القديم من أكثر الملفات التشريعية حساسية في مصر، لما له من أبعاد اجتماعية واقتصادية تؤثر على ملايين المواطنين من الملاك والمستأجرين.
لطالما حدد القانون القديم قيم إيجارية شبه ثابتة لعقود طويلة، ما جعل البعض يراه غير متوافق مع المتغيرات الاقتصادية، بينما يشكل شريان أمان لمحدودي الدخل.
الملف يعود للواجهة
عاد ملف الإيجار القديم بقوة بعد إقرار الحكومة والبرلمان تعديلات تشريعية تستهدف إعادة تنظيم العلاقة الإيجارية بشكل تدريجي. تهدف هذه التعديلات لتحقيق توازن بين إنصاف الملاك وحماية المستأجرين من صدمة مفاجئة قد تهدد استقرارهم المعيشي.
تشمل التعديلات زيادة سنوية بنسبة 15% على القيمة الإيجارية للوحدات الخاضعة للقانون، تُطبق بشكل تراكمي ضمن خطة زمنية تمتد حتى عام 2032، مع التأكيد على أن الهدف تصحيح أوضاع قديمة دون الإضرار بالمستأجرين، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة والخدمات.
فلسفة التدرج لا الصدمة
تعتمد التعديلات الجديدة على التدرج في تطبيق الزيادات السنوية، بما يتيح للمستأجرين التكيف تدريجيًا، ويمنح الملاك عائدًا أكثر عدالة يساعدهم على صيانة العقارات والحفاظ عليها بعد سنوات من تآكل القيمة الإيجارية.
ويرى مؤيدو التعديلات أن نسبة الزيادة السنوية أقل من معدلات التضخم الفعلية، لكنها خطوة واقعية لإعادة التوازن للعلاقة الإيجارية بدلًا من التحرير الفوري الذي قد يؤدي إلى أزمات اجتماعية.
مخاوف وتساؤلات
مع ذلك، يظل هناك قلق بين كبار السن وأصحاب المعاشات من تراكم الزيادات، وما قد يفرضه ذلك على دخولهم المحدودة. كما تتصاعد التساؤلات حول آليات الحماية الاجتماعية وتوفير بدائل سكنية أو دعم نقدي للفئات غير القادرة على مواكبة الزيادات.
وفي المقابل، يرى الملاك أن التعديلات تمثل حدًا أدنى من الإنصاف بعد عقود من تجميد العلاقة الإيجارية، التي حرمتهم من الاستفادة الحقيقية من ممتلكاتهم وأدت إلى تدهور بعض العقارات.
توضيح قانوني
قال المستشار مجدي الدين زاهر، المحامي بالنقض، إن الدولة تعتمد نهجًا تدريجيًا للوصول إلى قيمة إيجارية أكثر واقعية، دون فرض أعباء مفاجئة أو الإضرار بالاستقرار الاجتماعي. وأضاف أن فلسفة التدرج تعكس إدراك الدولة لحساسية الملف، وتجنب أي قرارات صادمة قد تؤدي إلى اضطرابات اجتماعية.
وأكد زاهر أن نجاح تطبيق التعديلات يعتمد أيضًا على قدرة الدولة على توفير بدائل سكنية مناسبة، وتفعيل آليات دعم للفئات غير القادرة، لضمان تحقيق العدالة الاجتماعية والحفاظ على السلم المجتمعي حتى تحرير العلاقة الإيجارية بالكامل بحلول 2032.
معالجة أزمة الإيجار القديم تتطلب رؤية شاملة تجمع بين التشريع والسياسات الاجتماعية، لضمان إصلاح متوازن لا يضر بمحدودي الدخل، ويعيد حقوق الملاك بعد عقود طويلة من التجميد.