تقارير وتحقيقات
عودة ظاهرة الدروس الخصوصية رغم قوانين المنع.. من المسؤول؟
رغم القوانين التي تهدف إلى الحد من ظاهرة الدروس الخصوصية، لا تزال المراكز التعليمية والمعلمين الخصوصيين يشهدون إقبالًا كبيرًا من الطلاب وأولياء الأمور، مما يثير تساؤلات حول جدوى الإجراءات الحكومية، وأسباب استمرار الظاهرة. في هذا التحقيق، نرصد آراء مختلف الأطراف المعنية.
أولياء الأمور: "المدارس لا تكفي.. والامتحانات صعبة"
تقول نهى حسن، ولية أمر لطالب في الثانوية العامة: "حاولت أخلي ابني يعتمد على المدرسة بس، لكن المناهج صعبة، والوقت مش كفاية، والمدرس مش قادر يشرح كل حاجة بالتفصيل.. في الآخر اضطرينا نلجأ للدروس الخصوصية، وإلا هيجيب مجموع إزاي؟"
أما عماد سعيد، ولي أمر طالبة في الصف الثالث الإعدادي، فيرى أن المشكلة تكمن في مستوى التدريس داخل المدارس"المدرسة بقت مجرد مكان للحضور والانصراف، والمدرسين نفسهم بيقولوا لولادنا: اللي عايز يفهم كويس ييجي الدرس.. إحنا عايزين حل حقيقي، مش بس منع الدروس بدون توفير بديل."
الطلاب: "مافيش حل غير الدروس الخصوصية"
يقول أحمد سامي، طالب بالصف الثالث الثانوي"أنا بحضر في المدرسة بس ما بخرجش منها بفهم كامل.. الشرح سريع، ولو سألت كتير المدرس بيتضايق، غير إن عدد الطلبة كبير جدًا في الفصل.. في الدرس الخصوصي المدرس بيركز علينا، وبيحل معانا أسئلة الامتحانات، وده اللي بيخلينا نجيب درجات كويسة."
أما سلمى محمود، طالبة بالصف الأول الثانوي، فتضيف"حتى مجموعات التقوية اللي عملوها في المدرسة مش بنفس كفاءة الدروس.. المعلمين ما عندهمش نفس الحماس، والعدد برضه كبير.. في الآخر الدروس الخصوصية هي الحل الوحيد اللي نقدر نعتمد عليه."
المعلمون:الرواتب لا تكفي.. والتعليم بحاجة لإصلاح جذري
من جانبه، أوضح محمد عبد الرحمن، مدرس لغة إنجليزية في مدرسة حكومية، أن اللجوء للدروس الخصوصية أصبح ضرورة للكثير من المعلمين بسبب ضعف الرواتب "الراتب ما بيكفّيش مصاريف أسرتي، فبضطر أدي دروس عشان أقدر أعيش.. في المقابل، الأهالي نفسهم عايزين الدروس لإن المناهج صعبة والوقت في المدرسة مش كافي."
أما منى علي، معلمة رياضيات، فترى أن هناك مشكلة في النظام التعليمي نفسه "المناهج معقدة، وبتعتمد على الحفظ أكتر من الفهم، وده بيخلي الطلاب يحتاجوا شرح إضافي.. الحكومة لازم تطور المناهج وتقلل الكثافة في الفصول عشان تقلل الاعتماد على الدروس."
أصحاب مراكز الدروس الخصوصية: نحن نلبي حاجة حقيقية
يقول محمود السعيد، صاحب مركز دروس خصوصية في منطقة الدقي: "الناس بتهاجم السناتر، لكن إحنا بنوفر خدمة ضرورية للأهالي اللي مش لاقيين بديل.. لو كانت المدارس بتدي تعليم جيد، كان الطلاب استغنوا عن الدروس.. لكن طول ما المدارس مش قادرة تواكب المناهج، الطلب هيزيد، سواء بالقانون أو من غيره."
في المقابل، قال مصدر مسؤول بوزارة التربية والتعليم: "الوزارة تعمل على الحد من الدروس الخصوصية من خلال تفعيل مجموعات التقوية داخل المدارس بأسعار مخفضة، وتشديد الرقابة على مراكز الدروس غير المرخصة.. كما نركز على تطوير المناهج لتكون أكثر تفاعلية وتقلل من الحاجة إلى الحفظ والتلقين."
نقابة المعلمين: الحل في زيادة رواتب المعلمين
علق أحمد سالم، عضو بنقابة المعلمين أنه لا يمكن إنهاء ظاهرة الدروس الخصوصية بدون تحسين أوضاع المعلمين، الرواتب الحالية لا تكفي لتوفير حياة كريمة، وهذا ما يدفع بعض المعلمين للجوء إلى الدروس، إذا أردنا إصلاح التعليم، فيجب أن نبدأ من تحسين وضع المعلم نفسه.
الخبراء التربويون: الحل في تطوير المناهج وتقليل كثافة الفصول
يرى الدكتور محمود زكي، أستاذ علم التربية بجامعة القاهرة، أن المشكلة لا تقتصر على منع الدروس الخصوصية، بل تحتاج إلى إصلاح شامل بجانب أن النظام التعليمي يعتمد على الحفظ، وعدد الطلاب في الفصل يتجاوز 50 طالبًا في بعض المدارس، فكيف سيتمكن المدرس من توصيل المعلومات بشكل فعال؟ الحل ليس في المنع فقط، بل في تطوير المناهج، وتقليل كثافة الفصول، وتحفيز المدرسين على تقديم تعليم جيد داخل المدرسة.
بين حاجة الطلاب وأولياء الأمور للدروس الخصوصية، ومعاناة المعلمين من تدني الرواتب، ومحاولات الحكومة ضبط الظاهرة، تبقى المشكلة قائمة دون حل جذري.