تقارير وتحقيقات
2025 عام السقوط المدوي لاحتكار ”السبع الكبار”
صراع العمالقة: كيف أعاد عام 2025 تعريف ”القوة الاقتصادية”؟
شهد عام 2025 تحولاً تاريخياً في مفهوم الهيمنة الاقتصادية؛ فبينما كانت "مجموعة السبع" (G7) تفتخر تاريخياً بكونها النادي الحصري لأغنى اقتصادات العالم، كسر توسع "بريكس+" هذا الاحتكار فعلياً.
تشير البيانات الختامية لهذا العام إلى أن دول بريكس، بعد استيعاب الأعضاء الجدد مثل السعودية والإمارات ومصر وإثيوبيا وإندونيسيا، أصبحت تسيطر على 40.7% من الناتج المحلي العالمي بناءً على "تعادل القوة الشرائية" (PPP)، في حين تراجعت حصة مجموعة السبع إلى قرابة 28.4%.
هذا الفارق لم يكن مجرد رقم، بل ترجمة لنمو متسارع في الأسواق الناشئة بقيادة الهند والصين، اللتين ساهمتا معاً بنحو 35% من إجمالي النمو العالمي خلال هذا العام وحده.
استراتيجية "فك الارتباط": الدولار تحت مجهر "بريكس باي"
كان عام 2025 هو العام الذي انتقلت فيه "بريكس" من مرحلة "التنظير" لعملة موحدة إلى مرحلة "التطبيق" لأنظمة دفع بديلة.
من خلال منصة "بريكس باي" (BRICS Pay) المعتمدة على تقنيات البلوك تشين، نجح التكتل في خفض نسبة المعاملات البينية المقومة بالدولار إلى أقل من 33%، بعد أن كانت تتجاوز الـ 50% في الأعوام السابقة.
هذا التحول قادته رغبة جماعية في "السيادة المالية"، حيث أصبحت دول مثل إيران وروسيا والصين تسوي صفقات الطاقة الضخمة بالعملات المحلية، مما قلل الطلب العالمي المباشر على العملة الأمريكية في أسواق السلع الأساسية.
أمن الطاقة: عندما يتحكم "الجنوب العالمي" في صمام العالم
بفضل التوسعات التي اكتملت ملامحها في 2025، تحولت "بريكس+" إلى عملاق طاقة لا يمكن تجاوزه.
بسيطرتها على أكثر من 43% من إنتاج النفط العالمي و36% من إنتاج الغاز الطبيعي، أصبح التكتل يمتلك أوراق ضغط جيوسياسية هائلة.
هذا التركز لموارد الطاقة داخل المجموعة دفع الدول الغربية في "مجموعة السبع" إلى إعادة التفكير في سياساتها الجمركية، خوفاً من "تسييس" موارد الطاقة في حال استمرار التصعيد التجاري.
وعلاوة على ذلك، أصبحت المجموعة تحتكر نحو 72% من المعادن النادرة، وهي "النفط الجديد" الذي تحتاجه الصناعات التكنولوجية المتطورة.
الدولار في 2025: جريح لكنه لا يزال صامداً
رغم الهجمات المتكررة على عرشه، لم ينهَر الدولار الأمريكي في عام 2025 كما تنبأ المتشائمون، بل دخل مرحلة "التراجع المنظم".
لا يزال الدولار يسيطر على حصة كبيرة من احتياطيات البنوك المركزية العالمية، لكنه بدأ يواجه منافسة شرسة من الذهب الذي لجأت إليه دول بريكس كبديل آمن، حيث رفعت حصته في احتياطياتها إلى مستويات قياسية.
التأثير الحقيقي ظهر في انخفاض قدرة واشنطن على استخدام "سلاح العقوبات المالية" بفعالية مطلقة، حيث وفرت القنوات المالية الموازية لبريكس ملاذاً آمناً للدول التي تسعى لتنويع شركائها التجاريين بعيداً عن النظام المالي الغربي التقليدي.
آفاق 2026: هل نحن بصدد انقسام مالي كامل؟
بينما نستعد لاستقبال العام الجديد، يبدو أن العالم يتجه نحو "ثنائية قطبية مرنة".
لا تسعى دول بريكس بالضرورة إلى هدم النظام العالمي القديم، بل إلى خلق "نظام موازٍ" يضمن لها الاستقرار في حال وقوع هزات اقتصادية في الغرب.
التحدي الأكبر الذي واجهته المجموعة في 2025، وسيمتد إلى 2026، هو قدرة دولها على إذابة الخلافات السياسية البينية (مثل التوتر الهندي الصيني أو الإيراني السعودي) لصالح الأهداف الاقتصادية المشتركة.
لقد كان 2025 عام "إثبات الوجود"، ومن المرجح أن يكون 2026 عام "التمكين المؤسسي" لهذا القطب الاقتصادي الصاعد.