تلك السيجارة الإلكترونية، ما هي إلا شبح عصري يحاكي رذيلة الماضي، جهاز صامت يعمل بوشوشة البطارية . هي نسخة مقلَّدة لفعل التدخين ، لكنها تلبس ثوب التكنولوجيا؛ إذ ترفض نار التبغ، وتستبدلها بـهمس التسخين، ليتحوَّل السائل الكامن في خزانها إلى بخار يُستنشق، كأنه وعدٌ زائف بالخلاص.

التركيبة: سائلٌ في ثوب البراءة
في قلب هذه الأداة، يكمن ذلك السائل المريب، الذي هو بمثابة عسلٍ ممزوجٍ بالسمّ:
النيكوتين: هو سيد الإدمان، والضيف الثقيل على القلب والجهاز العصبي، يشدُّ الخناق على شرايين المدخِّن كـقبضةٍ حديدية، رافعًا ضغطه ونبضه، ومُعلنًا الخطر على الصحة.
البروبيلين جليكول والجلسرين النباتي: تلك الأكفان الرطبة التي تمنح البخار ليونته، لكنها تتحول في الرئة إلى أشواكٍ تُثير السعال والتهيُّج.
النكهات والمعادن الثقيلة: هي ستائر عطرة تخفي خلفها ذرات من سموم لا تُرى، تتوغل في الجسد، وتُزيد من حمله المرضي.

المخاطر الصحية: ثمن باهظ لـوهم الأمان
تُسوَّق السجائر الإلكترونية على أنها طوق نجاةٍ من لهيب التبغ، لكنها في الحقيقة جسرٌ معلَّق فوق هوَّة المخاطر.

القلب والأوعية الدموية: فالنيكوتين كـمُفجرٍ صامت يتربَّص بالقلب، يزيد من خطر أمراضه، ويُهدد الأوعية كـعدوٍّ خفيٍّ.

الرئتان: هما حقل المعركة الذي يستقبل سيلان هذا البخار، حيث يُسبِّب البروبيلين جليكول عاصفةً من التهيج، وقد يقود بمرور الوقت إلى أمراض رئوية خطيرة، تاركًا الرئة كـورقةٍ ذابلة. إنها تُحوّل النفس السليم إلى تنهيدةٍ مريضة.

عقول الشباب: هي أرضٌ خصبة للنمو، لكن النيكوتين يتسلل إليها كـلصٍّ ليليّ، يُعيق نموَّها ويُفسد بنيتها، ويجعل من الشاب صيدًا سهلًا للإدمان المستقبلي، وكأنها بوابةٌ خفيَّة نحو التدخين التقليدي.

المخاوف البيئية: أثرٌ لا يزول
وإذا كانت مخاطرها الصحية وصمة عار على جبين التقدم، فإن تأثيرها البيئي هو جرح غائر في جسد الكوكب. فالسجائر الإلكترونية، خاصة الاستخدام الواحد ، هي أرتال من النفايات البلاستيكية والمعدنية، وبطارياتها المصنوعة من الليثيوم هي قنابل موقوتة تهدد مرافق إعادة التدوير، وتزيد من نزيف التلوث .

//ليست السجارة الإلكترونية إلاَّ سفينةً ذات شراعٍ ممزَّق، تبدو أقلَّ خطورةً من السفن الغارقة، لكنها تحمل ركابها إلى مجهول لا تُدرك عواقبه، إنها خطرٌ منقوص وليس أمانا كاملاً هي أقلُّ ضررًا من المدخنة التقليدية لأنها لا تحرق، لكنها ليست بأي حال من الأحوال ماءً زلالا، بل هي مشروبٌ غامض لم تُكشف بعد كل أسراره الطويلة الأمد.