دين
الإفتاء: الجهاد مفهوم شرعي دقيق له شروط وأركان ومقاصد واضحة ومحددة شرعا
اطلعت دار الإفتاء المصرية على ما صدر مؤخرا من دعوات تدعو إلى وجوب الجهاد المسلح على كل مسلم ضد الاحتلال الإسرائيلي، وتطالب الدول الإسلامية بتدخل عسكري فوري وفرض حصار مضاد.
وقالت الدار، في بيان اليوم الإثنين، إنه في إطار مسؤوليتنا الشرعية، وبناء على قواعد الفقه وأصول الشريعة الإسلامية، تؤكد دار الإفتاء النقاط التالية:
أولا: الجهاد مفهوم شرعي دقيق، له شروط وأركان ومقاصد واضحة ومحددة شرعا، وليس من حق جهة أو جماعة بعينها أن تتصدر للإفتاء في هذه الأمور الدقيقة والحساسة بما يخالف قواعد الشريعة ومقاصدها العليا، ويعرض أمن المجتمعات واستقرار الدول الإسلامية للخطر.
ثانيا: تؤكد دار الإفتاء المصرية أن دعم الشعب الفلسطيني في حقوقه المشروعة -واجب شرعي وإنساني وأخلاقي، لكن بشرط أن يكون الدعم في إطار ما يحقق مصلحة الشعب الفلسطيني، وليس لخدمة أجندات معينة أو مغامرات غير محسوبة العواقب، تجر مزيدا من الخراب والتهجير والكوارث على الفلسطينيين أنفسهم.
ثالثا: من قواعد الشريعة الإسلامية الغراء أن إعلان الجهاد واتخاذ قرار الحرب والقتال لا يكون إلا تحت راية، ويتحقق هذا في عصرنا من خلال الدولة الشرعية والقيادة السياسية، وليس عبر بيانات صادرة عن كيانات أو اتحادات لا تمتلك أي سلطة شرعية، ولا تمثل المسلمين شرعا ولا واقعا، وأي تحريض للأفراد على مخالفة دولهم والخروج على قرارات ولي الأمر يعد دعوة إلى الفوضى والاضطراب والإفساد في الأرض، وهو ما نهى عنه الله تعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.
رابعا: إن الدعوة إلى الجهاد دون مراعاة لقدرات الأمة وواقعها السياسي والعسكري والاقتصادي -هي دعوة غير مسؤولة وتخالف المبادئ الشرعية التي تأمر بالأخذ بالأسباب ومراعاة المآلات، فالشريعة الإسلامية تحث على تقدير المصالح والمفاسد، وتحذر من القرارات المتسرعة التي لا تراعي المصلحة العامة، بل قد تؤدي إلى مضاعفة الضرر على الأمة والمجتمع.
خامسا: من قواعد الشرع أن من يدعو إلى الجهاد يجب عليه أولا أن يتقدم الصفوف بنفسه، كما كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الغزوات بدلا من استثارة العواطف والمشاعر، تاركين غيرهم يواجهون العواقب.
سادسا وأخيرا: من الحكمة والمقاصد الشرعية أن تتجه جهود الأمة الإسلامية نحو العمل الجاد من أجل إيقاف التصعيد ومنع التهجير، بدلا من الدفع نحو مغامرات غير محسوبة تعمق الأزمة وتزيد من مأساة الفلسطينيين.
وبناء على ما سبق: تؤكد دار الإفتاء المصرية ضرورة التحلي بالعلم والحكمة والبصيرة، وعدم الانسياق وراء شعارات رنانة تفتقر إلى المنطق والواقعية.