دين
علي جمعة: المناجاة سبب عظيم لاستجابة الدعاء ولها خمسة أركان تعيد القلب إلى الله
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن المناجاة تُعد سببًا عظيمًا من أسباب استجابة الدعاء، موضحًا أن رسول الله ﷺ كان يناجي ربَّه ليلًا ونهارًا، ليعلّم الأمة كيف تعبد ربها، وكيف تألف القرب منه وتأنس بمناجاته.
وأضاف جمعة، في منشور عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أن المناجاة هي لحظات صفاءٍ تسمو فيها الروح، ويشرق القلب، وترقّ المشاعر، ولها لذّة عظيمة لو أدركها الملوك لقاتلوا عليها، إلا أن كثيرًا من الناس حُرموا خيرها بسبب الغفلة عن أركانها وشروطها.
وأوضح عضو هيئة كبار العلماء أن للمناجاة خمسة أركان أساسية، لا تكتمل إلا بها:
أولًا: الإخلاص، وهو أن يُخرج العبد كل ما سوى الله من قلبه، فلا يسأل إلا الله ولا يستعين إلا به، عملًا بقوله تعالى: ﴿وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾، وامتثالًا لقول النبي ﷺ: «إنما الأعمال بالنيات»، فالإخلاص مبدؤه ومنتهاه توحيد خالص.
ثانيًا: الدوام والاستمرار، مؤكدًا أن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل، داعيًا إلى الأخذ من الطاعة ما يُطاق دون انقطاع، لأن القليل الدائم يربي الصدق مع الله ويقرّب إجابة المناجاة.
ثالثًا: التدبّر والتأمّل، بحيث يُحدّث العبد ربَّه بعد تفكر وتدبر، فالمناجاة لا تنفصل عن تدبر القرآن، وهو كتاب الله المسطور، ولا عن التفكر في الكون، وهو كتاب الله المنظور، مستشهدًا بقول الإمام الغزالي إن الفكر مفتاح الأنوار وشبكة العلوم.
رابعًا: القلب الضارع، بأن يناجي العبد ربَّه بما في قلبه من شكوى ورجاء وتوسل، بصدق وتضرع، دون تصنّع أو تكلّف.
خامسًا: السِّرّية، فالمناجاة علاقة خاصة وسرٌّ بين العبد وربه، لا يطّلع عليه أحد.
وأكد الدكتور علي جمعة أن تحقق هذه الأركان يعيد العبد إلى الله، فتقوى صلته بربه، ويزداد إيمانه قوةً وصلابة، مشيرًا إلى أن المناجاة أوسع وأشمل من الدعاء؛ فالدعاء قد يكون في الصلاة أو خارجها، أما المناجاة فهي خلوة مع الله تجمع الدعاء، وقراءة القرآن، والتفكر، والتدبر، والحديث مع الله.
وختم جمعة منشوره بمناجاة مؤثرة قال فيها:
«إلهي… أقمتنا في دار الدنيا للابتلاء وأنت غنيٌّ عنا، فارفق بنا فيما قضيته علينا بما عوَّدتنا من رحمتك»