تقارير وتحقيقات
الذكاء الاصطناعي يطرح تحديات كبيرة على الخصوصية والمحتوى الرقمي
في ظل الطفرة المتسارعة لتقنيات الذكاء الاصطناعي، لم تعد المخاطر المرتبطة بها مجرد سيناريوهات مستقبلية، بل تحولت إلى واقع ملموس يفرض نفسه على الحياة الرقمية للمستخدمين حول العالم.
ساهمت هذه التقنيات في تسهيل العديد من المهام اليومية وتسريع وتيرة العمل والإنتاج، لكنها أفرزت مخاوف متزايدة تتعلق بحماية الخصوصية والقدرة على التمييز بين الحقيقة والزيف. يشهد العالم اليوم توسعًا غير مسبوق في استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، سواء في التطبيقات الذكية أو منصات التواصل الاجتماعي أو مجالات العمل المختلفة، ما جعلها جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية، لكنه في الوقت نفسه فتح الباب أمام تحديات معقدة أبرزها جمع وتحليل كميات ضخمة من البيانات الشخصية دون إدراك كامل من المستخدمين.
وحذر خبراء أمن المعلومات من أن هذه التقنيات لم تعد تكتفي بمعالجة البيانات بشكل تقليدي، بل أصبحت قادرة على تحليل سلوك الأفراد والتنبؤ بقراراتهم والتأثير على اختياراتهم، سواء من خلال الإعلانات الموجهة أو المحتوى المقترح. هذا يمثل تهديدًا مباشرًا للخصوصية، خاصة مع غياب الوعي الكافي بأساليب الحماية الرقمية.
كما تتزايد المخاوف من قدرة الذكاء الاصطناعي على إنتاج محتوى مزيف يصعب تمييزه عن الحقيقي، بما في ذلك الصور والفيديوهات والأصوات المصطنعة بدقة عالية، ما يهدد مصداقية المعلومات ويجعل المجتمعات أكثر عرضة للشائعات وتزييف الواقع.
وأشار المهندس عصام البرعي، خبير أمن المعلومات، إلى أن هذه الأدوات أصبحت قادرة على إنتاج صور وأصوات شديدة الواقعية، وتحليل سلوك المستخدم وتحديد نقاط ضعفه النفسية، ما يمكّنها من تكوين صورة دقيقة عن تفاصيل حياته اليومية واستغلالها لاحقًا في الترويج الإعلاني أو توجيه الرأي العام.
من جانبه، حذر الدكتور أسامة مصطفى، خبير تكنولوجيا وأمن المعلومات، من التطور المتسارع في الذكاء الاصطناعي، مؤكدًا أن ما نشهده حاليًا يمثل نحو 10% فقط من حجم التطور المتوقع خلال العامين المقبلين. وأوضح أن الخطر الأكبر لم يعد مقتصرًا على سرقة البيانات التقليدية، بل يشمل قدرة الذكاء الاصطناعي على تخليق صور وفيديوهات جديدة لفنانين ومشاهير بدقة قد تصل إلى 80% من الحقيقة، مما يجعل منصات التواصل عاجزة عن التمييز بين المحتوى الحقيقي والمفبرك ويزيد من احتمالات نشر الشائعات وتزييف الواقع.