مستقبل الدور التركي في الأزمة القطرية ( 1 )

رئيس مجلس الإدارة:محمود علىرئيس التحرير: شريف سليمان
الفنانة الجزائرية مريم حليم تتهم مساعدتها عملتلي سحر لتعطيل اعمالي القبض على جزارين متهمين ببيع لحوم أحصنة الولايات المتحدة تعرض 10 ملايين دولار مكافئة مقابل معلومات عن “القطة السوداء” الصحة العالمية تطلق شبكة لرصد فيروسات كورونا الجديدة وزارة الزراعة تطرح اللحوم  بسعر 270 جنيه عبر منافذها وزير الخارحية يستقبل وزير الدولة البريطاني لشئون الشرق الاوسط وشمال أفريقيا محافظة الجيزة: قطع المياه 10 ساعات عن قرى ابو النمرس.. غدًا بروتوكول تعاون بين هيئة المستشفيات التعليمية والمؤسسة العلاجية لتبادل الخبرات وزير الشباب والرياضة يناقش أليات الحد من أمراض القلب والموت المفاجئ في الملاعب وزيرة التعاون الدولي تستقبل السفير الفرنسي الجديد بالقاهرة رئيس الوزراء يتابع موقف منظومة رد الأعباء التصديرية وزير التعليم العالي يستضيف السفير اليمني بالقاهرة لمناقشة عدة ملفات

مقالات

0

مستقبل الدور التركي في الأزمة القطرية ( 1 )

د. سماء سليمان
د. سماء سليمان

جاء التحرك التركي سريعا وداعما لقطر، حيث صادق البرلمان التركي في 7 يونيو 2017 على قانون لنشر قوات من الجيش التركي في قاعدة عسكرية تركية تتضمن 5 الاف جندي تركي، الأمر الذي دفع إلى التساؤل حول أسبابا انحياز تركيا لقطر.


بداية يمكن القول أن هذا التحرك السريع يرجع إلى الوضع الراهن للعلاقات، حيث تنظر تركيا لقطر منذ تولي الشيخ حمد الحكم بوصفها الحليف العربي الأكثر ثقة. ومن ثم كان التعاون العسكري والاستراتيجي بين البلدين، حيث أُعلن في ديسمبر 2014 عن تأسيس مجلس التعاون الاستراتيجي التركي القطري خلال زيارة أمير قطر “تميم” لأنقرة بغية الارتقاء بالعلاقات الثنائية بين البلدين في مجالات الطاقة والاستثمار، خاصة شراء تركيا للغاز القطري المسال بأسعار أقل من العالمية لسد احتياجات الاقتصاد التركي المتصاعدة من الطاقة.


وفي القلب من الاتفاق السياسي والعسكري اللاحق لتركيا مع الدوحة كان يقع الاعتراف العلني أن كلا من الدولتين تواجهان أعداء مشتركين، مما يعني وجود تقارب في أهداف السياسة الخارجية لكل من الدوحة وأنقرة، “فأردوغان” يؤمن بحل إسلامي راديكالي لكل المشاكل التي تعاني منها دول المنطقة، وتقومان برعاية نفس الجهات الفاعلة غير الحكومية، ويقدمان دعما علنيا لجماعات الإسلام السياسي رغم تصنيف بعضها كإرهابية، ومنها جماعة “الإخوان المسلمين”، وحركة “حماس” الفلسطينية، كما يوجد تعاون تركي قطري في تمويل الجماعات الإرهابية بالمنطقة ومنها “داعش، النصرة، القاعدة”، حيث تقدم قطر التمويل المالي وتقدم تركيا الدعم اللوجيستي لهم للعبور من محافظات جنوب تركيا للأراضي السورية، وهناك المئات من التقارير الاستخباراتية الدولية الموثقة المؤكدة لذلك.


ومن ناحية أخرى، يواجه التواجد الأخواني بتركيا جزءا من الرأي العام التركي ودوائر صنع القرار ووسائل الإعلام كما انتشروا بين أئمة المساجد، وبالطبع فإن الموقف الإخواني مؤيد وداعم لقطر بشكل كبير في تلك الأزمة وربما يكون قد أثر على الموقف التركي، كما أن لديهما مواقف متماثلة بشأن العديد من الأزمات الإقليمية في سوريا واليمن وليبيا، وتشتركان في نهاية المطاف في عدة أهداف طويلة الأمد، وفي مقابل التزام تركيا بأمن قطر، عرضت الدوحة المساعدة في تعويض الفاقد من السياحة الروسية إلى تركيا منذ حادث إسقاط الطائرة مطلع نوفمبر 2015. كما وعدت قطر –آنذاك- بتقديم مساعدات بقيمة 3 مليارات دولار إضافة إلى وعود وضمانات بتصدير الغاز في حال قررت موسكو مواصلة معاقبة أنقرة من خلال حجب إمدادات الغاز الطبيعي في المستقبل، كما كان أمير قطر تميم أول قائد يتصل بأردوغان ليلة الانقلاب الفاشل الذي شهدته تركيا في يوليو 2016، في حين تأخر قادة العالم، حتى حلفاء أنقرة، وتباطأوا في إبداء دعمهم لأردوغان.


فضلا عن الاستثمارات القطرية الضخمة في تركيا والتي راهن “أردوغان” في غالبية مشاريعه على دور استثماري قطري كبير ومهم اقتصاديا وسياسيا، لإنقاذ اقتصاد بلاده المتراجع خلال النصف الأول من عام 2017، فوفق صحيفة “حريت” التركية، فالاستثمارات القطرية في تركيا بلغت (9.5) مليار دولار، ووفق المسؤولين القطريين يتحدثون عن ضخ 18 مليارا في السوق التركي.
هناك توجه من قبل الدولتين (تركيا وقطر) لتأسيس صندوق ثروة سيادي مشترك. وتسعى أنقرة، في هذا السياق، إلى الاستفادة من أصول قطر التي تقدر بنحو 335 مليار دولار في صندوق الثروة السيادي، فضلا عن المليارات من الدولارات، عبر المشاركة في الأعمال التحضيرية لاستضافة الدوحة لكأس العالم، والذى خُصصت له ميزانية تقدر بنحو 170 مليار دولار. حيث فازت شركات تركية بعقود تفوق قيمتها 13 مليار دولار في مشاريع البنى التحتية في قطر لها صلة بتنظيم كأس العالم لكرة القدم عام 2022.


وقد أشارت بعض التقديرات إلى أن ثمة توجه قطري- تركى مشترك لغض النظر عن خط غاز ”شرق المتوسط”، لما يواجهه من صعوبات وتحديات، وذلك لصالح خط غاز جديد يمر من الدوحة إلى طهران، ومنها إلى تركيا، ثم الدول الأوروبية. ارتبط ذلك، على جانب آخر، بمحركات توطيد العلاقات الإيرانية مع قطر، سيما بعد أن بدأت طهران قبل نحو شهرين، في إعادة إنتاج الغاز من حقل الشمال البحري، وهو أكبر حقول الغاز القطرية، ويعد حقلا مشتركا مع إيران، التي لم تتمكن من استغلاله من قبل، بسبب الحظر الاقتصادي ونظام العقوبات الذى كان مفروضا عليها بسبب برنامجها النووي.


وتشير تقديرات في هذا السياق إلى أن وضع الدوحة في سوق الغاز العالمي يبدو مهددا من قبل روسيا واستراليا، كما أن زيادة الإنتاج القطري- الإيراني من هذا الحقل يمكن أن يرفع المعروض من الغاز الطبيعي المسال إلى أكثر من 300 مليون طن سنويا، مما يفرض على طهران استغلال فرصة تصدع العلاقات الخليجية– القطرية، لدعم أواصر العلاقات مع الدوحة، بما يعزز مصالحها الاقتصادية والتجارية.


فمن الواضح أن أنقرة مهتمة بإظهار النفوذ في الأراضي التي كانت خاضعة لحكم العثمانيين بما في ذلك السواحل الجنوبية للخليج، كما يرى في تعزيز نفوذه السياسي والعسكري بقطر جزءا من بسط نفوذه بالمنطقة وتحقيق حلمه في إعادة أمجاد العثمانيين، حيث قال زعيم حزب الحركة القومية، دولت بهجلي، فى معرض تعليقه على الأزمة الخليجية- القطرية، إن قطر كانت ”تُحكم إبان السلطة العثمانية بواسطة قائم مقام يتبع الباب العالي”. هذا فيما أشار رئيس الوزراء السابق، أحمد داوود أوغلو، والذى يعد ”مهندس” التوافقات التركية– القطرية، عبر فيديو نشره مؤخرا على حسابه الرسمي في ”فيسبوك”، قال فيه إن علاقة تركيا مع قطر في الأصل علاقة تاريخية ترجع إلى ”العهد العثماني”، طواها النسيان وتجددت مؤخراً .


وقد اتخذت تركيا موقفا منحازا لقطر بسبب ما يثيره التقارب السعودي المصري الإماراتي والتوافق الكبير في وجهات نظرهم من قلق وحفيظة “أردوغان” الذي كان يرغب في تبوأ مقعد مصر في هذا التحالف الثلاثي، ولذا رغب في تعزيز تحالفه مع قطر وإيران ليكون تحالف إقليمي يواجه التحالف السعودي.
والصحيح أن لتركيا علاقات مع دول أخرى كإيران وروسيا، ولكن مستوى العلاقات بين أنقرة والدوحة لا يمكن تعويضه بأية علاقات أخرى، إذ إن هناك خلافات مثلا مع إيران في سوريا ولكن الوضع مع قطر مختلف ما يجعل قطر الدولة الوحيدة التي يمكن لأنقرة بناء علاقات إستراتيجية معها في المنطقة.


ويمكن القول أن تركيا يصعب أن تقوم بدور الوسيط في الأزمة لأنها طرف لا يحظى بثقة الدول الأربع المقاطعة، من المهم الإشارة إلى تناقص التوتر بين المملكة العربية السعودية وتركيا منذ تولى الملك ”سلمان” الحكم في أوائل عام 2015. ومع كونه يرى الإخوان المسلمين أقل خطرا مقارنة بسلفه الملك ”عبد الله”، فقد تطلع إلى إمكانية أكبر للتعاون مع أنقرة في مواجهة الأزمة السورية. من هذه الزاوية، يمكن للمملكة أن تعتبر الوجود العسكري التركي في قطر يتماشى مع مصالحها في الوقت الراهن فضلا عن الدور العسكري التركي في تحقيق أمن الخليج. ونظرا للحرب الباردة الدائرة بين السعودية وإيران، فإن السعودية سوف تظل متقبلة للقاعدة التركية القطرية طالما أن البلدين لا يزالان يتبنيان نفس مبادئ السياسة الخارجية الخاصة بها وبخاصة في سوريا واليمن. كما يتشارك الرياض والدوحة وأنقرة في الوقت الحالي في العديد من الأهداف المشتركة في المنطقة، ليس فقط في سوريا، ولكن أيضا في اليمن، حيث تدعم الحكومات الثلاث استعادة الحكومة المعترف بها دوليا للرئيس ”هادي”ـ ولكن لو ثيت للسعودية دعمتركيا لقطر في سياستها من زعزعة استقرار المملكة واتضح أن هناك تخطيط تركي لغودة بسط النفوذ العثماني مرة ثانية، فغن السعودية سوف تعيد تقييم الدور التركي في قطر وغيرها من الدول العربية.


هناك عضوان آخران ضمن التحالف الإسلامي -الذي أعلن عن تشكيله في ديسمبر2015، ومكون من 34 دولة في غياب ملحوظ لإيران والعراق، وهو التحالف الذي يبدو أنه يهدف إلى تعزيز جدول الأعمال السني- ربما يكون لديهما بعض التحفظات بشأن الأمر وهما الإمارات العربية المتحدة ومصر، حيث لدى كلا البلدين مشاكل كبيرة مع كل من أنقرة والدوحة بسبب دعمهما لجماعة الإخوان المسلمين في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط. وبسبب الانتقاد العنيف الذي وجهه ”أردوغان” للجيش المصري بسبب إطاحته بالرئيس ”محمد مرسي” في يوليو عام 2013 قد دفع مصر إلى تخفيض مستوى علاقاتها مع تركيا.