مقالات
أمل البرغوتى تكتب: ”الحكومة” تكذب وتتجمّل
الخطاب الاعلامي للحكومة مراوغ، وتروج قطعا معلومات غير دقيقة عن حقيقة الاستقرار الاقتصادي في البلاد، فهي تعمل في عالم مواز بعيدا عن واقع ما لا يقل عن 80 مليون نسمة، والحقيقة العارية التي يراها كل مسؤول في الدولة سواء في الحكومة او الجهات التشريعية والرقابية والخدمية او التنفيذية ان هناك مواطنين يواجهون الجوع والحرمان والمرض، حتى انهم لا يستطيعون مواصلة العمل محدود الاجر بسبب اعباء المواصلات اليومية، ولا يقدرون على دفع فواتير الحكومة من كهرباء وغاز ومياه وصرف صحي، خاصة في القرى المنسية.
وقد تراكمت الديون بالفعل على كثيرين وبعضهم تسلم قضايا اهدار مال عام بسبب عدم سداد فواتير المياه والكهرباء، اضف الى ذلك تسرب عدد كبير من تلاميذ وطلاب الاسر الفقيرة والاكثر احتياجا من مراحل التعليم المختلفة، نتيجة عدم قدرة الاهالي على تلبية احتياجات الدراسة واعباء التعليم وافتكاسات المدارس، مع عجز فادح في القدرة على الكشف والعلاج وتسليم خالص للالم والموت في نهاية الطريق.
ومع ذلك يقول رئيس الحكومة في تصريحاته، إن معدل الفقر يتراوح ما بين 29 و30 بالمئة تقريبا، في حين ان بحث ميزانية الاسرة لعام 2022 اكد ان نسبة الفقر بلغت 32 بالمئة، وبعد هذا التعويم والتضخم وارتفاع الاسعار والمواصلات المتتالية على مدار ثلاث سنوات يقول إن النسبة 30 بالمئة، بينما يؤكد اقتصاديون ان نسبة الفقر تقترب من 40 بالمئة، نهيك عن إسقاط أسر كاملة من حسابات الحكومة يعيشون معنا في هذا البلد تحت خط الفقر تماما.
ورغم علمه بان التعويم وتحريك الاسعار يرفعان نسبة الفقراء لان دخولهم ثابتة مع استمرار انخفاض القيمة الشرائية للجنيه الى نحو 18 قرشا فقط، فتتراجع قدرتهم الشرائية ويرتفع التضخم الى مستويات لا تستطيع اي اسرة مواكبتها، يردد ان هناك استقرارا اقتصاديا وسنجني الثمار قريبا، اي ثمار تقصد؟، وانتم توقعون عقود الاستثمار مقابل الديون وفوائدها، خاصة بعد تصريحاته أنه تم تحويل التزامات قائمة بقيمة 11 مليار دولار إلى استثمار مباشر طويل الأجل، من اين ستأتي الثمار اذا؟.
فالحكومة تكذب وتتجمل في مواجهة الفقر القبيح الظاهر في حياة المواطنين وحديثها عن ارتفاع معدلات التضخم يتناقض مع تصريحات رئيس الوزراء عن حدوث نقلة نوعية في الاقتصاد خلال عامين تنعكس ايجابيا على مستوى معيشة المواطن، ولا استطيع تفسير ذلك الا باعتباره سيكوباتية سياسية تحتاج الى معالجة جذرية.
كيف يستخف رئيس الحكومة بعقول الشعب في كلماته؟، ولماذا نكذب على انفسنا؟، اذا كانت هناك ازمة فلنواجهها بشفافية مع الشعب.
لك ان تتخيل ان اصحاب الدخول المرتفعة يشكون مر العيش، فكيف تحيا اسر يقل دخلها عن اربعة الاف جنيه؟، وكيف يعيش اصحاب المعاشات مع فواتير الدولة واحتياجاتهم وعلاج الامراض؟، وكيف يعيش من لا دخل لهم مع سياسات لا ترحم جوعا أو مرضا، هل سألت نفسك هذه الاسئلة قبل ان تطل علينا بهذه الاحاديث المتضاربة؟، على الدولة ان تجد حلولا جديدة وان تضبط اوجه الانفاق، فالشعب يدفع فواتير الطرق والضرائب والكهرباء والبنزين والتنمية وكل ما يلزم للحفاظ على الدولة، فما المطلوب بعد ذلك كي يعيش الشعب المصري في الحد الادنى من الكرامة.