فن وثقافة
محمد صبحي: فكرت في الموت منذ طفولتي وأشتاق لزمن القيم والقدوة
قال الفنان محمد صبحي إنه بدأ التفكير في الموت منذ أن كان في الثانية عشرة من عمره، معتبرًا أن هذه الفكرة كانت بالنسبة له تجربة مجهولة لم يعد أحد ليخبرنا بما يحدث بعدها، موضحًا أنه كان يتعامل حينها مع فكرة أن العالم كله ينتهي عندما تنتهي حياة الإنسان. وأكد أنه كان يفكر في أمور تتجاوز سنه، ويحاول أن يمنح نفسه فهمًا لها حتى يصل إلى العمر الذي يمكنه فيه استيعابها بصورة ناضجة.
وأضاف "صبحي"، خلال حواره مع الإعلامية لميس الحديدي في برنامج "الصورة"، مساء اليوم الثلاثاء، أن المرض قد يكون دافعًا قويًا للإنسان كي يسابق الزمن ويُنجز ما يتمنى تحقيقه، قائلاً: "المرض يدفعك إنك تلحق اللي نفسك تعمله". وأوضح أن رحلته في الحياة كانت بمثابة "بروفة" طويلة امتدت لسبعة عقود مليئة بالتحولات السياسية والفكرية، مشيرًا إلى أنه لا يرى نفسه قدّم شيئًا عظيمًا، بل يعتبر أعماله مجرد أداء طبيعي لما ينبغي تقديمه.
وكشف الفنان الكبير أن الأطباء أخبروه بأن عقله مليء بالملفات التي تستحضرها ذاكرته باستمرار، وهو ما يسبب له إرهاقًا ذهنيًا دائمًا، مضيفًا: "أنا فعلاً بطلع ملفات.. صور بصرية وسمعية وفكرية وأخلاقية.. بدوّر على صورة لزمن النهاردة مش لاقيها"، معبرًا عن اشتياقه الشديد لزمن القيم والقدوة.
وتحدث "صبحي" عن الجيل الذي تربى في ستينيات القرن الماضي، مؤكدًا أنه جيل تم تشكيله على أفكار رواد كبار مثل: زكي نجيب محمود، لطفي السيد، طلعت حرب، الشرقاوي، وصلاح عبد الصبور، متسائلًا: "مين هيجي بعدهم؟"، قبل أن يشير إلى أن من علم طه حسين القراءة كانت امرأة أمية، وأن المجتمع المصري يمتلك سيرًا عظيمة تستحق مئات المسلسلات، لنساء من الصعيد حتى البحر المتوسط، لكنها لا تجد من يقدّمها.
وأكد الفنان القدير أن جيله تخرّج من "مدرسة فنية وأخلاقية حقيقية"، قائلًا: "لقيت اللي يربيني فنيًا ويقولي عيب.. زي فؤاد المهندس وسعد أردش"، محذرًا من أن المجتمع وصل إلى مرحلة ندر فيها من يقول كلمة "عيب"، وأن القادم قد يشهد اختفاء هذه القيمة تمامًا، بعدما أصبح "العيب" نفسه تريند، مضيفًا: "اللي بيقول كلام خارج بيشتغل في خمس مسلسلات.. وناس محترمين ومبدعين قاعدين في بيوتهم".
وفي حديثه عن المسرح، أوضح صبحي أن المباشرة – عكس الرمزية – تصبح ضرورية عندما يتعلق الأمر بالسلوكيات التي يناقشها الناس يوميًا. وأشار إلى مسرحيته الشهيرة "ماما أمريكا"، قائلًا إنها كانت تعتمد على الرمزية، لكنه في نهايتها اختار أن يوجّه رسالة مباشرة لأكبر دولة في العالم حول انتقاصها من قدر الإنسان، مؤكدًا: "مفيش ممثل يقول 193 عاصمة لدول العالم في دقيقة ونص.. وأنا قلتها مباشرة".
وتعكس تصريحات محمد صبحي حنينًا إلى زمن تتجسد فيه القيم والقدوة، ورغبة في رؤية حركة فنية وثقافية تستعيد مكانتها في بناء الوعي وتقديم نماذج تلهم الأجيال الجديدة.