تقارير وتحقيقات
عندما تصبح الشاشة بوابة الهروب
”ظهور الزومبي الرقمي”.. تقرير يحذر :الهواتف الذكية تهدد مجتمعاتنا
في ظل هذا الزخم التكنولوجي الذي نعيشه، وتسارع وتيرة التكنولوجيا، أصبحت الهواتف الذكية جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية.
فقد سهّلت الهواتف الذكية التواصل بين الأفراد كما اصبح الوصول إلى المعلومات في متناول الجميع، لكنها على صعيد آخر زادت من التصدعات بين الروابط والعلاقات الاسرية، فقد أصبح كل فرد يعيش في عالمه الافتراضي الخاص به عبر شاشة هاتفه ولم يعد الابن يتواصل مع اباه ولا البنت تتشارك أسرارها مع أمها.
تلك الحالة أدت إلى ظهور مصطلح "جيل الزومبي الرقمي" ليصف حالة الانفصال الاجتماعي التي يعيشها كثيرون، حيث يحدقون في شاشاتهم لساعات طويلة، دون معرفة ما يدور حولهم.
الهواتف الذكية وعلاقتها بتغيير نمط التواصل الأسري
أظهرت دراسة ميدانية في مصر أن 71.5% من الافراد الذين شملتهم التجربة يستخدمون الهواتف الذكية لأكثر من خمس ساعات يوميًا، مما أدى إلى إضعاف التفاعل الأسري المباشر.
وبحسب الدكتورة بسنت البربري، استشارية العلاقات الأسرية، فإن التكنولوجيا قد خلقت فجوة بين أفراد الأسرة، وأضعفت الروابط التي كانت تُبنى على التفاعل الحي، حتى أن الأطفال أصبحوا مشتتين وغير متفاعلين في الحياة العامة ، مؤكدة أن "التواصل أصبح مقتصرًا على الإيموجي... لم نعد نعرف مشاعر أولادنا إلا من الـ 'ستوريز'."
قد كانت المناسبات العائلية في الماضي تمثل فرصة للتقارب والتفاعل الذي يقوى الروابط والعلاقات الأسرية ، أما اليوم فقد تحولت المناسبات إلى منشورات على منصات السوشيال ميديا.

علماء النفس والتربويين
يرى علماء النفس بعد دراسات أجريت لبحث آثار الهواتف الذكية على الأفرد، أن الإفراط في استخدام الهواتف الذكية يؤدي إلى العزلة الاجتماعية، كما أنه يضعف الذكاء العاطفي واللغوي والذي يحتاج إلى التفاعل الحي بين البشر.
كما كشفت دراسة اجرتها جامعة عين شمس أن المراهقين الذين يستخدمون الهواتف الذكية بكثافة يعانون من الانطوائية، وفقدان القدرة على التواصل مع الأسرة.
لذلك فإن غياب الرقابة الأسرية على استخدام الهواتف يؤدي إلى تشتت العلاقات الإنسانية، وتحول الشخصيات التي يراها المراهقين على الشاشات إلى أبطال ويتحولون إلى قدوة بديلة عن الوالدين.

كما أجريت دراسة على 500 أسرة عربية، وظهرت نتائجها بأن:
- 63% من الآباء يشتكون من غياب الحوار داخل المنزل.
-
74% من الأبناء يشعرون بأن هواتفهم أكثر فهمًا لهم من أسرهم.
آراء الخبراء: صدمة نفسية هادئة
صرح د. حسن خليل – أستاذ علم النفس التربوي أن "الهاتف يحوّل الطفل من كائن اجتماعي إلى متلقٍ سلبي. يعطّل الحوار ويؤسس للعزلة حتى داخل الأسرة."
واضافت د. إيناس فوزي – اختصاصية تربوية أن " الهواتف الذكية ساهمت في صعود قدوات رقمية غير خاضعة للمسؤولية التربوية، فالأبوان لم يعودا المرجع الأساسي للسلوك أو القيم.
كما كشفت دراسة اقتصادية (2024) أجريت في القاهرة أن التوتر الأسري ارتفع بنسبة 41% بسبب الضغوط المالية، وأن الإدمان الرقمي تزايد بشكل ملحوظ في الأسر منخفضة الدخل.
تأثير الأوضاع الاقتصادية
في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية، اضطر الآباء إلى تقليل الإنفاق على الأنشطة الاجتماعية مثل النوادي والرحلات الصيفية وحتى الرحلات الجامعية، مما أدى إلى زيادة الاعتماد على التكنولوجيا عبر الهواتف الذكية كوسيلة ترفيه منخفضة التكلفة مثل الألعاب وبرامج التواصل الاجتماعي وحتى مشاهدة الأفلام والمسلسلات عبر المنصات والمواقع منها يوتيوب وشاهد وغيرها
أيضا أدت الضغوط الاقتصادية إلى اضطرار الزوجة للعمل مما أضعف من دورها في مراقبة الأبناء، فأصبحت الأمهات تعمل لساعات أطول، ولجأ الأطفال للهاتف كرفيق وصديق، مما عزز حالة الانفصال الأسري.
وحتى في بعض الاسر الفقيرة الأبناء أنفسهم يضطرون إلى النزول إلى العمل ، مما قلل من وقت التجمعات الأسرية، وزاد من التوتر والانفصال داخل المنزل، حتى أن هناك دراسات ربطت بين الخلافات المادية و النزاعات الزوجية، فكلما زادت الأزمات الاقتصادية زادت العوامل التي تهدد الاستقرار الأسري
الآثار النفسية والاجتماعية
- إدمان الهواتف الذكية يؤدي إلى ظهور مشكلات مثل العنف الأسري والانفصال العاطفي
- الأجيال الجديدة باتت أكثر ارتباطًا بالعالم الافتراضي من الواقع، وهذا يهدد مجتمعاتنا بنشوء جيل يعاني من ضعف في المهارات الاجتماعية.
- شعور الآباء والأمهات بالعجز أمام سطوة التكنولوجيا، ويحاولون البحث عن طرق لإعادة بناء جسور التواصل.
مجتمعاتنا تعاني من آثار اجتماعية تحتاج تدخلاً عاجلاً منها:
- عزلة شعورية داخل البيت.
- تراجع المهارات الحياتية للأطفال.
- اتساع الفجوة بين الجيل الجديد والأسرة التقليدية.
الحلول المقترحة
- تخصيص وقت يومي للتفاعل الأسري بعيدًا عن الأجهزة الالكترونية عامة
- جلسة أسبوعية للحوار بين أفراد الأسرة
- تنظيم مبادرات تشمل ورش عمل توعوية في المدارس حول الاستخدام الآمن للتكنولوجيا.
- تعزيز الأنشطة التي تحتاج فريق لإنجازها داخل الأسرة مثل القراءة أو الطهي أو الألعاب التقليدية.