مقالات
أمل البرغوتي تكتب: الأمان المزعوم وواقع المواطنين
لا عجب أن تتوخى دوائر الحكم الحذر من أصحاب الرأي، سواء كانوا سياسيين أو مثقفين أو أدباء أو اقتصاديين، الذين يطرحون تساؤلات نقدية حول السياسات العامة ويدلون على آثارها الاجتماعية والاقتصادية، فيتعرضون أحياناً لاتهامات تتعلق بالكذب أو التضليل أو نشر معلومات غير دقيقة، كما يُسجل في بعض حالات القبض على معارضين أو ناقدين.
في المقابل، يسعى الإعلام الرسمي إلى ترسيخ تصور محدد لدى المواطنين حول مفهوم الاستقرار المرتبط بالحفاظ على النظام، دون مراعاة شعور الناس بالأمان في حياتهم اليومية أو توفير الحد الأدنى من متطلبات المعيشة بما يحفظ كرامتهم الإنسانية.
ويُزعم أن الأمن مستتب، وأن الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي في أزهى عصوره، نتيجة إصلاحات اقتصادية يُقال إنها تاريخية، بينما الواقع يشير إلى أن هذه الإصلاحات غالبا ما تتحقق على حساب زيادة الديون العامة، وتحمل المواطنين أعباء مالية إضافية.
وعلى الرغم من أن هذه الإصلاحات غير إنتاجية أو تشغيلية، ولم تنعكس إيجابيا على جودة التعليم أو الصحة أو الدخل أو مستوى المعيشة، فإنها تمثل في نظر بعض المسؤولين كإنجازات غير مسبوقة.
ويبقى التساؤل قائماً: إن ضبط المجال العام وتكميم الأصوات، مهما كان إحكامه، لن يكفل زوال المخاطر المحتملة، ولن يتحقق الاستقرار إلا من خلال إعادة النظر في مسار السياسات الداخلية للدولة، والانخراط في فهم واقعي لأوضاع المواطنين، والنظر إلى حياتهم بعين الرأفة والاهتمام، وليس بعين التخطيط لمشروعات مستقبلية غير منتجة.
فماذا بعد الجوع والجهل والمرض؟
غالباً لا شيء سوى الفوضى