شهد عام 2025 نشاطًا ملحوظًا لدار الإفتاء المصرية، عكس حجم الجهد المؤسسي المبذول في تلبية احتياجات المجتمع الإفتائية والتفاعل مع قضاياه المتنوعة، حيث واصلت الدار دورها المرجعي في تقديم الفتوى الرشيدة، اعتمادًا على منظومة علمية متكاملة تضبط الخطاب الإفتائي وتعزز الثقة بين المواطن والمؤسسة الدينية، بما يسهم في تحقيق الاستقرار الفكري والاجتماعي.

وخلال العام، بلغ إجمالي عدد الفتاوى الواردة إلى دار الإفتاء المصرية نحو 959 ألفًا و459 فتوى، توزعت بين الفتاوى الشفوية والهاتفية والإلكترونية، إلى جانب الفتاوى البحثية والمكتوبة والجماهيرية، بما يعكس تنوع قنوات التواصل التي تعتمدها الدار للوصول إلى مختلف فئات المجتمع.

وتلقّت إدارة الفتوى الشفوية، خلال الفترة من الأول من يناير وحتى 20 ديسمبر 2025، عدد 116 ألفًا و119 فتوى، جرى التعامل معها وفق الضوابط العلمية والمعتمدات الفقهية، مع إحالة القضايا الدقيقة إلى لجان متخصصة، من بينها اللجنة العليا للأحوال الشخصية، ولجنة فض المنازعات، ووحدة «حوار»، ووحدة الإرشاد الأسري، فضلًا عن الفتاوى المكتوبة وقضايا المحاكم.

وفيما يخص خدمات الإنترنت والهاتف، سجلت فتاوى الإنترنت 383 ألفًا و494 فتوى، بينما استقبلت الدار 315 ألفًا و48 فتوى هاتفية مباشرة، إلى جانب 130 ألفًا و810 فتاوى هاتفية مسجلة، فضلًا عن 30 ألفًا و942 فتوى استقبلتها فروع دار الإفتاء بمحافظات الإسكندرية ومرسى مطروح وطنطا وأسيوط.

أما الفتاوى البحثية والمكتوبة والجماهيرية، فقد بلغ إجماليها 13 ألفًا و988 فتوى، تصدرتها فتاوى الأحوال الشخصية، تلتها قضايا فض النزاع والإرشاد الزواجي، إلى جانب موضوعات متنوعة تعكس احتياجات المجتمع المتجددة.

وفي إطار مواجهة القضايا الفكرية المعاصرة، واصلت وحدة «حوار» دورها في تقديم استشارات وتحليلات معمقة تعتمد على منهجيات علمية وحوارية، حيث تعاملت خلال عام 2025 مع 2433 حالة، تنوعت بين قضايا فكرية ودينية واجتماعية ونفسية. واستحوذت المشكلات الاجتماعية على النسبة الأكبر بواقع 1088 حالة، تلتها قضايا الإلحاد والعقيدة بعدد 315 حالة، وشبهات حول الشريعة الإسلامية بـ 275 حالة، إضافة إلى مشكلات نفسية ووسواس قهري وحالات ميول انتحارية بنسب متفاوتة.

كما شملت إحصاءات وحدة «حوار» التعامل مع شبهات متعلقة بالقرآن الكريم والسنة النبوية، وقضايا حوار الأديان، وتساؤلات حول الحجاب وقضايا المرأة، إلى جانب حالات لمسلمين جدد في الغرب، بما يعكس اتساع نطاق عمل الوحدة وتنوع الملفات التي تتعامل معها.

وفي سياق التفاعل المباشر مع الشباب، نظمت وحدة «حوار» جلسات حوارية مفتوحة ضمن مبادرة «الهوية الدينية وقضايا الشباب» بعدد من الجامعات والمؤسسات الثقافية، من بينها جامعة الإسكندرية وجامعة طنطا ومكتبة مطروح العامة، بهدف مواجهة الأسئلة الوجودية وتعزيز اليقين والوعي الديني الرشيد.

وعلى صعيد التدريب، نفذ مركز تدريب دار الإفتاء خلال عام 2025 برامج تدريبية متخصصة طويلة ومتوسطة وقصيرة المدى، بإجمالي 1812 ساعة تدريبية، شارك فيها 141 متدربًا، وشملت 1073 محاضرة علمية، استهدفت رفع كفاءة الباحثين الشرعيين وصقل أدواتهم العلمية. كما نظم المركز دورات مجتمعية موجهة للجمهور في قضايا الأسرة والشباب، حضرها 937 متدربًا.

وواصل المركز كذلك تدريب الوافدين من مختلف دول العالم عبر برامج قصيرة وطويلة المدى، بإجمالي مئات الساعات التدريبية، ركزت على مناهج ومهارات الإفتاء، ودمجت بين الجانب العلمي والتطبيقي داخل إدارات الفتوى المختلفة، بما يسهم في إعداد كوادر إفتائية مؤهلة وفق منهج علمي راسخ.

وفي إطار دورها المجتمعي، سجلت إدارة التوفيق والمصالحات بدار الإفتاء نشاطًا ملحوظًا خلال عام 2025، حيث استقبلت 2553 حالة نزاع، تصدرتها قضايا النزاع على الميراث، ثم المعاملات المالية والعقارات والحقوق المالية بين الزوجين، إضافة إلى قضايا الدية، وهو ما يعكس ثقة المواطنين المتزايدة في دور الدار في نشر ثقافة الصلح ودعم السلم الاجتماعي.

وبذلك يؤكد حصاد دار الإفتاء المصرية في عام 2025 استمرار دورها المحوري في ضبط الخطاب الديني، ومواجهة التحديات الفكرية والمجتمعية، وتعزيز الاستقرار عبر منظومة متكاملة تجمع بين الفتوى، والحوار، والتدريب، والتوفيق المجتمعي.