في ظل الأزمات الاقتصادية المتلاحقة، تروج الحكومة المصرية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة باعتبارها الحل السحري لإنقاذ الاقتصاد وتوفير فرص عمل للشباب، لكن على أرض الواقع، يواجه أصحاب هذه المشروعات تحديات كبرى، من التمويل إلى التسويق والبيروقراطية، هل تنجح المشروعات الصغيرة في إنقاذ الاقتصاد؟

الحكومة: "ندعم المشروعات الصغيرة بتمويلات ضخمة"

يقول مسؤول في جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة أن الحكومة ضخت مليارات الجنيهات لدعم المشروعات الصغيرة، وأطلقنا العديد من المبادرات لتقديم قروض ميسرة بفوائد مخفضة، بالإضافة إلى التدريب الفني والتسويق الإلكتروني، التحدي الحقيقي هو قدرة رواد الأعمال على إدارة مشروعاتهم بفعالية.

أما مسؤول في وزارة المالية، فيؤكد أن المشروعات الصغيرة تمثل 80% من الاقتصاد في دول كثيرة، ونعمل على تعزيز دورها في مصر، وفرنا تسهيلات ضريبية، وأزلنا عوائق بيروقراطية كثيرة، لكن المشكلة أن بعض الشباب يدخلون المجال دون دراسة كافية، فيتعثرون سريعًا.

خبراء الاقتصاد: "المشروعات الصغيرة وحدها لا تكفي"

قال الدكتور علياء المهدي خبير اقتصادي،المشروعات الصغيرة مهمة، لكنها ليست الحل السحري ، بدون سوق مفتوح، وقوانين تحمي هذه المشروعات من منافسة الشركات الكبرى، ستظل في الهامش، التحديات التي تواجه أصحابها كثيرة، من ضعف التمويل إلى صعوبة التسويق.

أما الدكتورة ليلى محمود، أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة، فتوضح ، لدينا تجارب ناجحة في المشروعات الصغيرة، لكن ما زلنا نفتقر إلى بيئة داعمة حقيقية، الضرائب والروتين الحكومي يجعل من الصعب على المشروعات الصغيرة البقاء، ناهيك عن التحديات المرتبطة بالاستيراد والتصدير.

أصحاب المشروعات ..العقبات أكثر من التسهيلات

قال حسام إبراهيم، صاحب مشروع لتصنيع المنتجات الجلدية قدمت على قرض لدعم مشروعي، لكن الفوائد عالية، والإجراءات معقدة، بالإضافة إلى ذلك، السوق غير مستقر، وأسعار المواد الخام في ارتفاع مستمر، دعم الحكومة نظري أكثر منه عملي.

أما منة حسن، صاحبة مشروع حلويات منزلية، فتشارك تجربتها بدأت مشروعي برأس مال صغير، وكنت أبيع عبر الإنترنت، لكن مع زيادة الأسعار، أصبح من الصعب الاستمرار، التسويق مكلف، والقوانين لا تحمي المشاريع الصغيرة من تقلبات السوق.

من ناحية أخرى، يقول علي خالد، صاحب ورشة نجارة صغيرة المشروعات الصغيرة ممكن تنجح، لكن المشكلة أن، كل ما تروح تقدم على ترخيص أو تصريح، تقابل مشاكل لا تنتهي، لو الحكومة عايزة تدعمنا فعليًا، لازم تسهل الإجراءات.

البنوك والجهات التمويلية: التمويل موجود لكن المخاطر كبيرة

يقول مسؤول في البنك المركزي المصري أطلقنا مبادرات لتمويل المشروعات الصغيرة بفوائد منخفضة، لكن المشكلة أن كثيرًا من رواد الأعمال ليست لديهم خبرة كافية بإدارة المشروعات، ما يؤدي إلى تعثرهم، نحتاج إلى تثقيف مالي أفضل قبل تقديم القروض.

أما مدير أحد البنوك الخاصة، فيوضح، البنوك لا تستطيع المخاطرة بتمويل أي مشروع دون دراسة جدوى قوية المشكلة أن بعض أصحاب المشروعات الصغيرة لا يستطيعون إثبات جدوى مشروعاتهم، ما يجعلهم غير مؤهلين للحصول على التمويل.

الغرف التجارية واتحادات الصناعات: يجب حماية المشروعات الصغيرة من الاحتكار"

قال مسؤول في اتحاد الصناعات المصرية أن المشكلة الكبرى أن المشروعات الصغيرة لا تجد مكانًا في السوق بسبب سيطرة الشركات الكبرى، يجب على الحكومة فرض سياسات تحمي المشروعات الصغيرة من الاحتكار وتضمن لها فرصة للنمو.

أما عضو بالغرفة التجارية بالقاهرة، فيضيف، أن الكثير من الشباب يبدأون مشروعاتهم بحماس، لكنهم يصطدمون بواقع صعب، و الدعم الحكومي موجود لكنه غير كافٍ، ولا بد من بيئة تشريعية أفضل تضمن بقاء واستمرار هذه المشروعات.

المستهلكون: "نحب المنتجات المحلية، لكن الجودة والتسويق تحديان"

قالت نادية محمود، موظفة في شركة خاصة "أنا أحب شراء المنتجات المصرية من المشروعات الصغيرة والأشياء "لوكال براند " ، لكن أحيانًا الجودة ليست كما يجب، أو يكون السعر أعلى من المنتجات المستوردة، أصحاب المشروعات بحاجة إلى تحسين منتجاتهم ومنافستها في السوق، كما أن الكثير من المنتجات المصنوعة محليًا جيدة، لكن التسويق ضعيف، وإذا أرادت المشروعات الصغيرة النجاح، يجب أن تصل إلى المستهلك بسهولة وتنافس المنتجات الكبيرة.

وعلي الرغم من التحديات الكثيرة، تظل المشروعات الصغيرة فرصة حقيقية للنهوض بالاقتصاد المصري، لكن نجاحها يتوقف على بيئة أعمال داعمة، وقوانين عادلة، وتسهيلات حقيقية، لا مجرد شعارات.