فن وثقافة
فوضى ”التيكتوكرز” تثير جدلًا فنيًا واسعًا: الفنانون بين مؤيد للإجراءات ومتهم للجمهور
أثار ضبط عدد من صناع المحتوى على تطبيق «تيك توك» بتهم تتعلق بإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لأغراض ربحية، جدلًا واسعًا داخل الوسط الفني في مصر. ففي الوقت الذي أصبح فيه الهاتف المحمول بوابة سهلة نحو الشهرة، برزت مخاوف من تحول بعض المنصات إلى ساحة لمحتوى هابط لا يخضع للرقابة، ويتضمن في كثير من الأحيان ألفاظًا خارجة وسلوكيات غير لائقة، بحسب ما ذكرته النيابة العامة.
وتفاوتت ردود أفعال الفنانين تجاه هذه الظاهرة؛ فمنهم من أيّد الإجراءات الأمنية، ومنهم من حمّل الجمهور المسؤولية عن رواج مثل هذا المحتوى، فيما رأى آخرون أن الأمر يعكس أزمة أعمق في الذوق العام.
الفنان محمد هنيدي وصف المشكلة بأنها تتجاوز تدخل الدولة، مؤكدًا أن بعض أنواع المحتوى "الشعبي" باتت أكثر جاذبية من السينما والتلفزيون، مشيرًا إلى أن هذا النوع من الفيديوهات يعتمد على الشتائم والإيحاءات لتحقيق الربح، مستنكرًا أن يكون من يسيء إلى أهله ويتلفظ بألفاظ خارجة أكثر ربحًا من فنانين محترفين.
من جانبه، اعتبر الفنان محمد سليمان ما يحدث بمثابة "عملية تنظيف ضرورية"، داعيًا إلى اتخاذ إجراءات صارمة تصل إلى تكسير هواتف من يسيء استخدام المنصات، موجهًا انتقادات لاذعة للجمهور الذي يبرر ما يحدث باسم "الحرية"، ومؤكدًا أن تلك التبريرات تساهم في تسميم وعي الأجيال.
أما الفنان صبري فواز فقد اختار زاوية مختلفة، مشيرًا إلى أن تيك توك، رغم سلبياته، لعب دورًا إيجابيًا في نقل الرواية الفلسطينية إلى العالم، لكنه شدد على أن الاستخدام الخاطئ للمنصة هو ما شوه صورتها.
الفنان تامر فرج حمّل الجمهور المسؤولية الأكبر، متسائلًا: "من منح هؤلاء الشهرة؟ أليس الجمهور؟"، منتقدًا من يشاهدون وينشرون هذا المحتوى بدافع المزاح أو الفضول، ما أدى إلى فتح أبواب الشهرة والمال لمن لا يملكون الموهبة أو القيم.
وفي ذات السياق، تساءل الفنان مدحت تيخة عن تأثير شهرة التيكتوكرز على مستقبل الفن الحقيقي، منتقدًا استعانة بعض شركات الإنتاج بهؤلاء في الترويج لأعمالهم الفنية. وتساءل: "هل أصبحت الشهرة تُقاس بعدد المشاهدات فقط؟ وأين موقع الفنان الحقيقي؟".
أما المنتج عبدالله أبوالفتوح، فقد شبّه صعود التيكتوكرز بظاهرة أغانى المهرجانات، معتبرًا أن المشكلة لا تكمُن فقط في من يصنع هذا المحتوى، بل في الجمهور الذي منحه الشرعية وتفاعل معه وطالبه بالمزيد.
ويُجمع الفنانون في تصريحاتهم على أن هناك ضرورة لمراجعة العلاقة بين الجمهور والمحتوى، مشددين على أهمية استعادة الذوق العام، وإعادة الاعتبار للفن الحقيقي المبني على الموهبة والقيم والثقافة، لا على "الترند".