الدكتور ناصر الجندي يكتب: التعليم بلا مناهج… ثورة قادمة أم فخ معرفي؟

رئيس مجلس الإدارة:محمود علىرئيس التحرير: شريف سليمان
هيئة السكة الحديد: اصطدام قطار مرسى مطروح بسيارة نقل عند الكيلو 175 دون إصابات إخلاء سبيل 4 ممرضات بعد مشاجرة بمستشفى طوخ بنقادة في قنا تعطيل الدراسة غدًا في شمال سيناء بسبب سوء الأحوال الجوية افتتاح متحف كبار قراء القرآن الكريم بمسجد مصر في العاصمة الجديدة لبنان والاتحاد الأوروبي يدينان الانتهاكات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار ويطالبان بالانسحاب البابا ليو الرابع عشر يدين العنف المعادي للسامية عقب مجزرة سيدني ويؤكد على السلام ولي العهد السعودي يبحث مع البرهان مستجدات الأوضاع في السودان تركيا تسقط طائرة مسيّرة خارجة عن السيطرة فوق البحر الأسود الرئيس الفلسطيني يصدر قرارًا بدمج وزارتي المالية والتخطيط وتعيين الوزير اسطفان سلامة السفير المصري: الجيش اللبناني يحرز تقدماً في حصر السلاح جنوب الليطاني ويعرض إنجازاته على السفراء روسيا تُبدِي استعدادها لانضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي ضمن خطة سلام أمريكية حمادة بركات يكشف سبب ابتعاده عن الفن: «قرار مؤلم من أجل بناتي»

مقالات

الدكتور ناصر الجندي يكتب: التعليم بلا مناهج… ثورة قادمة أم فخ معرفي؟

الدكتور ناصر الجندي
الدكتور ناصر الجندي

تخيّل أن تتجه أبناؤنا نحو مدارسهم غدًا، دون حمل حقائب المدرسة الثقيلة، ولا برامج دراسية مكتوبة، ولا جداول مكدّسة داخلية يومية. عوضًا عن ذلك، يجدون أنفسهم في فضاءات تعليمية مفتوحة، يطوفون بين مختبرات تفاعلية، وأركان للفنون، وأجهزة واقع افتراضي، ومنصات للنقاش والتجريب. هناك، لا تُفرض عليهم دروس جامدة أو اختبارات حفظ بلا هدف؛ بل يختارون ما يُثير فضولهم ويوقظ شغفهم. هذه الصورة ليست رواية خيالية، بل واقع يُختبر اليوم في بعض التجارب التربوية الحديثة.

من أين تبدأ هذه الفكرة؟

المناهج الدراسية التقليدية وُضعت في عصر الصناعات والمصانع، بهدف تكوين أجيال متشابهة بمهارات مكرّرة. ولكن في عصر الإنترنت والمعلومة الفورية، لم تعد المعرفة محفوظة تميّز أحد — بل القدرة على التفكير المبدع والتحليلي هي الميزة الحقيقية.

ماذا يعني تعليم بلا مناهج؟

المبدأ يقوم على منح الطالب الحرية الحقيقية في اختيار ما يتعلمه، بمرافقة موجّهين أو معلمين يثبّتون المسار فقط، وليس أكثر. قد يقضي الطالب يومه في تصميم روبوت، وآخر في استكشاف الفضاء، وثالث في كتابة قصة أو ابتكار مشروع بيئي…

والمعيار هنا لا يُقاس بـ"عدد الصفحات"، بل بـ"قدرته على الابتكار"، و"كيف فكر"، و"ما الذي أنجزه عمليًا".

ما تقوله الإحصاءات الحديثة

  • تقارير عام 2025 تشير إلى أن الطلاب المشاركين في التعليم المبني على المشاريع (PBL) سجلوا زيادة تتراوح بين 20% و30% في معدلات التحصيل مقارنة بالتعليم التقليدي worldmetrics.org.
  • كذلك، 86% من المعلمين أشاروا إلى أن PBL يزيد من دافعية الطلاب ومشاركتهم الفعلية داخل الصف worldmetrics.org..
  • أظهرت بيانات أخرى أن PBL حسّن مهارات التفكير النقدي (Critical Thinking) بنسبة تصل إلى 60%، ورفع مهارات التعاون بين الطلاب بنسبة 45% worldmetrics.org. WifiTalents.
  • أما المعلمون، فـ 81% منهم أجمعوا على أن PBL يطوّر مهارات القرن الحادي والعشرين لدى الطلاب WifiTalents.

وفي مجال التعليم العالي، أظهرت دراسات أن استخدام أساليب التعلم النشط (Active Learning)، بدل المحاضرات التقليدية، خفّض نسبة الرسوب من 32% إلى 21%، بينما ارتفع الأداء الأكاديمي بمتوسط 0.47 من انحراف معياري Wikipedia.

خبرات محلية وعالمية في التطبيق

  • في الإمارات، أطلقت وزارة التربية والتعليم مؤخرًا دراسة وطنية لتقييم نموذج التعلم القائم على المشاريع مع تطبيق رسمي متوقع في عام 2025–2026 Gulf News.
  • بعض المدارس الخاصة مثل Swiss International Scientific School – دبي تعتمد مشاريع شخصية بالفعل منذ الطفولة، وتعتبرها عنصرًا أساسيًا لتنمية المهارات الاجتماعية والتواصلية والتفكير النقدي The National.
  • على ساحل أوروبا، تمت تجربة برامج مثل "Yrityskylä" في فنلندا، حيث يشارك 91% من الطلاب في برنامج محاكاة واقعية لبيئة عمل لتعزيز الثقافة المالية والمواطنة Financial Times.

بين الإشراق والحذر

بالرغم من النتائج الملهمة، يبقى هناك تساؤلات جوهرية:

  • كيف نضمن أن يتقن الطلاب أساسيات القراءة، والكتابة، والحساب إذا جعلنا كل شيء اختياريًا؟
  • هل سيكبر التفاوت المعرفي إذا اختار كل طالب مساره الخاص؟
  • ما هو الدور المشترك للمجتمع إذا اختفت "المنهج المشترك"؟

هل نجرؤ على الرحيل عن القالب؟

السؤال الأكبر لا يكمن في منهج ما نلغي، بل في كيف نعيد تعريف دوره. ربما لا حاجة لإلغائه كليًا، بل لتحويله إلى مسار مرن، يوفر الأُطر الأساسية ويسمح للطلاب باختيار تشكيل معارفهم بأنفسهم. هل نحن مستعدون لأن نثق في أطفالنا، وأن نسمح لفضولهم أن يقودهم في رحلتهم المعرفية؟ ربما آن الأوان لنطرح بكل شجاعة: هل المناهج التي نتمسك بها اليوم هي البيئة التي تقيّد عقول أبنائنا… أم التي تعدهم لمستقبلهم الحقيقي؟