الحرية بين الماضي والحاضر

رئيس مجلس الإدارة:محمود علىرئيس التحرير: شريف سليمان
مدبولي يبحث حلولًا جذرية لأزمات «ماسبيرو» والصحف القومية المالية لمدة 6 أشهر.. التنمية المحلية تخفض رسوم ترخيص المحال العامة بنسبة تصل لـ50% الأكاديمية العسكرية تعلن نتائج القبول وترسل الرسائل النصية للطلاب المقبولين منتخب مصر يبدأ تدريباته استعدادًا لمواجهة نيجيريا وديا قبل أمم أفريقيا 2025 شيكابالا يوجه رسالة دعم لنادي الزمالك: ”نحتاج إلى المساندة لا الشكوى” ليبيا تعيد افتتاح المتحف الوطني ”السراي الحمراء” بطرابلس بعد 14 عامًا وزير الخارجية المصري يلتقي نظيره البلجيكي لمناقشة التعاون الاقتصادي والهجرة وتطورات غزة محامي شيرين عبد الوهاب ينفي شائعات منع زيارة بناتها واعتزالها: ”تحروا الدقة” مونوريل القاهرة: أول نظام حضري متكامل في الشرق الأوسط وأفريقيا لتعزيز النقل الذكي المادة 4 من قانون الإيجار القديم تحدد القيم الإيجارية وفقًا لتصنيف المناطق لضبط السوق العقاري بداية فترة الصمت الانتخابي استعدادًا لجولة الإعادة في المرحلة الثانية لمجلس النواب 2025 التموين: الاحتياطي الاستراتيجي من زيت الطعام يكفي 5.6 شهر وتوافره مستمر في الأسواق

مقالات

الحرية بين الماضي والحاضر

د/عبدالله الصواف
د/عبدالله الصواف

د/عبدالله الصواف

في زمنٍ تتسارع فيه النقاشات حول حقوق الإنسان ومساحات التعبير عن الرأي يعود الحديث دائمًا إلى سؤال جوهري: هل قدّم الإسلام بالفعل نموذجًا حقيقيًا للحرية؟
الإجابة كما تكشفها صفحات التاريخ وواقع اليوم تقول إن هذا الدين قد بَنى مفهومًا للحرية أعمق بكثير مما يظنّه البعض.
منذ فجر التاريخ لم تكن الحرية في الإسلام مجرد شعار يُرفع ولا كلمات تُكتب بل كانت روحًا تنبض في قلب كل إنسان ورسالة حملها النبي ﷺ ليُحرر القلوب قبل أن يُحرر الأجساد. حرية تُعيد للإنسان كرامته وتمنحه القدرة على الاختيار وتُخرجه من ضيق الدنيا إلى سعة الرحمة.
فمنذ أكثر من أربعة عشر قرنًا من الزمان ظهر الإسلام ليعلن مبادئ بدت بمقاييس الماضي ثورة فكرية شاملة فقد وضع الإنسان في موضع التكريم وربط قيمته بإنسانيته لا بعرقه ولا قبيلته ولا طبقته. وأعلن النبي ﷺ قاعدة ذهبية صاغت روح الحرية:
«لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى».

هذه الكلمات لم تكن مجرد شعار بل تحوّلت إلى مبدأ حياة حرّر الناس من قيود التمييز والظلم، ومنحهم الحق في التفكير والاختيار والمساءلة حتى قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
«متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟»

وعبر التاريخ ظلّ مفهوم الحرية في الإسلام متوازنًا لا يدعو إلى الفوضى باسم الحرية ولا يقبل الاستبداد باسم الدين بل قدّم رؤية وسطية تقوم على احترام الإنسان وصون كرامته وفتح الأبواب أمام التعبير والمسؤولية مع حفظ النظام العام الذي يحمي المجتمع كله.
وكان المسلمون الأوائل يرون أن الحرية مسؤولية وأن الكلمة أمانة، وأن الصدق بداية الطريق نحو مجتمع قوي لا يخشى الرأي ولا يرهبه الاختلاف
كانت الحرية آنذاك جسرًا بين السماء والأرض… بين الضمير والواقع… بين الماضي الذي أنار الظلام والحاضر الذي ينتظر من يحمل مشاعل النور.

لكن الزمان قد دار…
وتبدلت الموازين…
وأصبحت الحرية تُستخدم أحيانًا كسلاح للفرقة أو وسيلة لطمس الهوية أو حجة لكسر ثوابت المجتمع ففقدت الكلمة معناها الحقيقي وصارت بحاجة لمن يعيدها إلى نورها الأول.

واليوم تعود الأسئلة ذاتها: كيف نصون الحرية؟ كيف نُعيد لها معناها الحقيقي بعيدًا عن الفوضى؟ وكيف نمنح الأجيال القادمة القدرة على أن تفكر وتبدع وتقول رأيها دون خوف؟

لقد عاشت مصر مراحل صعبة تقلبت فيها المواقف واهتزت فيها المبادئ ووقفت الأمة أمام مفترق طرق. لكنّ التاريخ علّمنا أن الحرية تحتاج إلى قائد يؤمن بها ويحميها ويعرف أنها ليست هدية تُمنح بل مستقبل يُبنى.

وهنا جاء دور فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي لم يتعامل مع الحرية كعبارة براقة بل كأمانة وطنية وواقع يجب أن نحافظ عليه معًا. كانت كلماته دائمًا تدعو إلى دولة تُصان فيها كرامة المواطن، ويعلو فيها صوت العقل وتتوحد فيها القلوب قبل الصفوف.

ويبقى السؤال…
إذا كان الماضي قد حفظ لنا نور الحرية والحاضر قد فتح لنا أبوابها فمن سيحرس هذا النور؟ ومن سيحمي تلك الأبواب؟

في لحظات تتداخل فيها الحقيقة بالأمنيات ويختلط فيها ضوء الأمل بظل الخوف يقف الوطن وينادي أبناءه:
لا تتركوا الحرية وحدها… لا تجعلوا التاريخ يعيد السؤال نفسه.

وفي صدى هذا النداء، تأتي كلمات فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي التي تهز القلب قبل أن تلمس الأذن : «خليكم حُرّاس الحرية.»

كأنها وصية… أو عهد… أو نبض أخير يذكّر كل مصري أن الحرية لا تعيش إلا بمن يحميها ولا تستمر إلا بمن يؤمن أن الوطن يبدأ من كلمة حرة… وينتهي عند ضمير لا يخون.
تحيا مصر تحيا الحرية يحيا السلام