«دماء على كرسي الخلافة» محاولة لتفكيك البنية الفكرية للجماعات الإرهابية

رئيس مجلس الإدارة:محمود علىرئيس التحرير: شريف سليمان
حقيقة عودة الموظفين للعمل من المنزل بنظام ”أون لاين” كل أحد التنمية المحلية تعلن الانتهاء من مشروع تطوير ترعة نجع حمادي بسوهاج الأسعار الجديدة للخبز السياحي.. تفاصيل وزير الشباب يصدر قرارًا بإنشاء وحدة الجينوم الرياضي محافظ الجيزة: تطوير طريق مركز التنمية بسقارة والبر الغربي والشرقي لطريق المريوطية موعد تطبيق خفض سعر رغيف الخبز السياحي في الأسواق الداخلية تكشف ملابسات سرقة صيدلية بالقليوبية ضبط عصابة تُصنع مخدر ”الآيس” بالجيزة الصين تأمر ”آبل” بإزالة تطبيقي ”واتساب” و”ثريدز” من متجر التطبيقات الصيني إلغاء رحلات البالون الطائر في الأقصر اليوم 580 طبيبا يتسلمون عملهم بوحدات طب الأسرة في سوهاج شون محافظة البحيرة تستقبل 985 طن قمح مع بدأ موسم التوريد

مقالات

«دماء على كرسي الخلافة» محاولة لتفكيك البنية الفكرية للجماعات الإرهابية

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

كتاب “دماء على كرسي الخلافة” للصحفي علي مقلد الباحث في شؤون الحركات الإسلامية ، يرصد صراع المسلمين الأوائل على السلطة ، ومدى تأثير التاريخ القديم على الحاضر والمستقبل ، حيث يعمد البعض إلى اجتزاء وقائع تاريخية من سياقها ومحاولة فرضها قسرا على واقع مختلف وزمن مغاير.

حيث يوضح مقلد أن كرسي “الخلافة “ يمثل جوهر الصراع بين الفرق والجماعات الإسلامية ، ليس في الوقت الراهن فقط بل حدث ذلك طيلة نحو ثلاثة عشر قرنًا من الزمان ، فمنذ مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان في يوم الجمعة الموافق 18 من ذي الحجة سنة 35 هـ، وحتى إطلاق مصطفى كمال أتاتورك رصاصة النهاية على الخلافة العثمانية في السابع والعشرين من شهر رجب لسنة 1342 هـ ، سُفكت دماء كثيرة، وقُطّعت رقاب، ورملت نساء، وانتهكت الحرمات والأعراض وخربت مساجد وبيوت ومدن كانت آمنة مطمئنة ، ولم تسلم حتى الكعبة قدس الأقداس عن عموم المسلمين من الأذى، كل هذا ليجلس أحد أمراء الحرب على عرش السلطة ويضع على رأسه تاج الخلافة، ويوضح مقلد أن الفترة التي تلت مقتل الإمام علي وحتى سقوط الخلافة العثمانية لم تكن الأمة الإسلامية تحت خليفة واحد إلا في فترات قليلة جدا ، بل كان دائما هناك أكثر من خليفة طامع في الحكم وبينه وبين آخرين صراعات طاحنة ودامية ، ثم تحولت الخلافة إلى شكل صوري وانقسمت إلى دويلات متناحرة وبدأت تتلاشى رويدا رويدا حتى جاءت نهايتها .

ويتناول المؤلف الوقائع المؤثرة في التاريخ الإسلامي بالقراءة وتسليط الضوء ومقارنتها بحوادث مشابهة في الوقت الراهن ، لتوضيح أن معركة الخلافة لم تكن حتى في العصور الإسلامية الأولى قضية دينية ، كما تزعم الجماعات الإسلامية في العصر الحديث ، بل كانت معارك سياسية هدفها الوصول إلى السلطة بأي شكل وبأي ثمن ، ويحاول المؤلف كما ذكر في أكثر من موضع إزالة قدسية فكرة “الخلافة” من صدور الناس ، حتى لا ينقادوا وراء كل داع لاستعادة هذا الحلم وينخرطون في تخريب أوطانهم المستقرة تحت مزاعم استعادة دولة الخلافة .

يؤكد المؤلف من بداية الكتاب حتى خاتمته ، أن انتشار الإرهاب في العالم الإسلامي سببه الأساسي هو محاولة هذه الجماعات في القفز على السلطة ، فلا يوجد لدى أي جماعة من جماعات الإسلام السياسي قضية محورية ، سوى الوصول إلى السلطة تحت مزاعم إعادة الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة ، مشددا على أن “الخلافة” قضية سياسية فرعية لكنها للأسف نقلت عند بعض المذاهب الفقهية إلى قضية إيمانية داخلة في أصول العقائد ، واستغل الإرهابيون ذلك لكي يلبسوا الأمر على المسلمين ، ويصلوا إلى غايتهم الخبيثة.

ويوضح المؤلف أن أية حرب حالية أو مستقبلية على الجماعات الإسلامية المتطرفة ، في أية بقعة من الأرض لن تجدي نفعا كبيرا في حال نجاحها ، ما لم يتم تفكيك البنية الفكرية المؤسسة لتنظيمات الإرهاب المتأسلم ، فالملاحقات الأمنية مجرد مسكنات لأعراض مرض مستوطن في جسد التاريخ الإسلامي ، ينشط هذا المرض اللعين كلما وجد بيئة خصبة وظروف مواتية ، كما أن الحديث عن دوافع سياسية واقتصادية أو اجتماعية ، أو ما يشاع عن وجود عمليات تآمر خارجية أو داخلية، وراء انتشار الإرهاب ، فهو حديث مراوغ ، يخرجنا من أصل المشكلة إلى فروعها وجزئياتها ، خاصة أن صفوف الإرهابيين تكتظ بشباب متعلم في أعرق الجامعات العالمية ، ورجال أعمال أغنياء ، ومن جنسيات وأعراق مختلفة ، وعدد كبير منهم نشأ في ظروف وبيئات سياسية واجتماعية تكاد تكون مثالية ، لكنهم انخرطوا في جيوش الإرهاب ، وهم على أتم استعداد لبذل كل غال ونفيس وارتكاب كل الحماقات من أجل فكرتهم ، ويلفت المؤلف النظر إلى أن المشكلة أعمق من كل التحليلات التي ترجع الإرهاب للفقر والجهل والتخلف.

ويؤكد مقلد ، أن الغالبية العظمى من المسلمين ترفض الإرهاب وتمقته وتدينه وتراه وحشا كاسرا شوه صورة دينهم ، لكن شعار “إقامة خلافة على منهاج النبوة” ظل حلما يداعب مخيلاتهم ويسكرهم من النشوة ، كلما دعاهم داع لهذا الحلم ، فقد خلقت الآلة الدعائية للمؤسسات والجماعات الدينية الرسمية وغير الرسمية ، صورة زائفة عن الخلافة ، وكيف كان العدل ، وكيف كان الأمن يسود العالم ، حتى “أن الراعي يسير من اليمن إلى الشام ،لا يخاف سوى الله ، والذئب على غنمه”، وكيف كان خليفة المسلمين عادل ، مرهوب الجانب ، مجاهد يغزو الأرض ، ينظر إلى السماء ويقول للغيم أمطري حيث شئتي سيأتينني خراجك ، فهو يحكم نصف العالم ، ويخيف نصفه الآخر ، وكيف كان الآخرون يؤدون الجزية عن يد وهم صاغرون ، وكيف كان نداء وإسلاماااه يرج الأرض تحت أقدام الأعداء .. مثل هذه الدعاية جعلت المسلمين يعيشون وهما ، بأن خلاصهم في زمن الهزيمة والتردي والانحطاط السياسي وتكالب الأمم عليهم وعلى ثرواتهم يكمن في إقامة الخلافة وتوحيد رايتهم تحت راية خليفة واحد بدعوى أنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ويشيرون إلى نظام الخلافة وكأنه الخلاص.

ويستطرد المؤلف : بيد أن كل دعاة الخلافة ومناصريها أخفوا عن الشعوب الإسلامية التي لا تقرأ كثيرا بطبيعتها حقيقة الخلافة، وحقيقة ما جرى من معارك وصراعات وفتن دامية ، حتى من الصحابة أنفسهم بسبب هذه السلطة.