يُعتبر الذهب منذ القدم ملاذًا آمنًا للاستثمار وأحد أكثر المعادن قيمةً في العالم، سواء للادخار أو الزينة. ولكن عند الشراء، يجد كثيرون أنفسهم في حيرة بين الاختيار بين عيارات الذهب المختلفة، ويتساءلون عن الفروق بينها وأيها الأفضل للاستثمار. في هذا التحقيق، نتحدث مع خبراء صناعة الذهب والتجار والمستثمرين لمعرفة الحقيقة وراء هذه التساؤلات.

الذهب.. المعدن الذي لا يفقد بريقه

قال أحمد النجار، صانع في ورشة لصناعة الذهب في الجمالية، أن الذهب يتميز بكونه عنصرًا نادرًا لا يتفاعل مع العوامل الجوية أو معظم المواد الكيميائية، ما يجعله مثاليًا للحفاظ على قيمته عبر الزمن والذهب معروف منذ القدم كعملة عالمية موحدة، حيث استخدمته الحضارات المختلفة في التجارة والادخار، وحتى اليوم، لا يزال يُعتبر وسيلة آمنة لحفظ الأموال خاصة في ظل التقلبات الاقتصادية.

أما عن استخداماته، فيؤكد د. هشام عبدالمجيد، أستاذ الكيمياء بجامعة القاهرة، أن للذهب تطبيقات عديدة تتجاوز كونه مجرد زينة أو أداة استثمارية، مشيرًا إلى استخدامه في الطب، خاصة في علاج بعض أنواع السرطان، حيث يدخل في تقنيات العلاج الإشعاعي لاستهداف الخلايا المصابة دون التأثير على الأنسجة السليمة.

ما الفرق بين عيارات الذهب؟

الذهب يُقاس بعيارات مختلفة، أكثرها شهرةً 24 و21 و18، ولكل منها خصائصه المميزة. يوضح محمد الحناوي، تاجر ذهب في حي الصاغة و عيار 24 هو الذهب الخالص بنسبة 99.9%، لكنه طري جدًا ولا يصلح للمشغولات الذهبية اليومية، لذلك يتم خلطه بمعادن أخرى مثل النحاس أو الفضة أو الزنك لتكوين عيارات أقل، مثل 21 و18، وهي الأكثر استخدامًا في المشغولات.

ويتابع الحناوي عيار 21 يحتوي على 87% من الذهب والباقي معادن أخرى تمنحه صلابة مناسبة، بينما عيار 18 يحتوي على 75% من الذهب، ويتميز بصلابته الأعلى ولونه الأقل صفارًا، مما يجعله أكثر عملية في الاستخدام اليومي.

ومن الأسئلة المتكررة لدى المشترين هو ما إذا كان عيار 18 أقل قيمة للاستثمار مقارنة بعيار 21 .

في المقابل ، قال أحمد صابر، خبير اقتصادي ومحلل أسواق المعادن هناك اعتقاد خاطئ بأن عيار 18 يفقد قيمته عند إعادة البيع، لكن الحقيقة أن الاستثمار في الذهب يعتمد على نسبة الذهب في القطعة، وليس العيار فقط. الفارق في الربح أو الخسارة يكون نتيجة المصنعية المرتفعة التي تُحسب على عيار 18، فإذا تجاوزت 15% من سعر الذهب الخام، فسيكون العائد أقل عند إعادة البيع.

أوضح تامر يوسف، مستثمر في الذهب، ذلك بمثال عمليإذا كان سعر جرام الذهب عيار 24 هو 1000 جنيه، فإن جرام عيار 21 سيكون حوالي 875 جنيهًا، وعيار 18 سيكلف 750 جنيهًا. عند ارتفاع سعر الذهب للضعف، فإن جميع العيارات ستتضاعف قيمتها بنفس النسبة، وبالتالي، العائد واحد بغض النظر عن العيار.

الصياغة والمصنعية.. كيف تؤثر على الربح؟

أشار خالد عفيفي، صاحب محل ذهب، إلى أن كثيرًا من الناس يعتقدون أن عيار 18 لا يصلح للاستثمار لأنه يباع بخسارة، لكن الحقيقة المشكلة ليست في العيار، بل في المصنعية التي يضيفها الصائغ، فالمشغولات عيار 18 غالبًا ما تكون بتصميمات عصرية ومزخرفة أكثر، مما يزيد من تكلفتها عند الشراء، لكن عند إعادة البيع، يتم خصم المصنعية، وبالتالي يشعر المشتري أنه يخسر، في حين أن نسبة الذهب في القطعة لم تتغير.

الذهب والاستثمار.. ماذا يفضل الخبراء؟

أما عن مستقبل الذهب كاستثمار، فيتوقع وائل عبد الرحمن، محلل مالي، أن يستمر الذهب في الارتفاع كملاذ آمن، خاصة مع الأزمات الاقتصادية العالمية.

الذهب يظل أحد أكثر الأصول أمانًا واستقرارًا في الاستثمار، سواء كان في صورة مشغولات أو سبائك. اختيار العيار يعتمد على الغرض من الشراء، فإذا كان الهدف هو الزينة، فإن عيار 18 و21 مناسبين، أما للاستثمار طويل الأجل، فإن السبائك والجنيهات الذهبية هي الخيار الأفضل. وفي النهاية، يبقى الذهب "الملاذ الآمن" الذي لا يفقد قيمته مع الزمن.