الدكتورة نادية مصطفى تكتب: الجامعة العربية بين المسؤولية و واقعنا الأليم .!

رئيس مجلس الإدارة:محمود علىرئيس التحرير: شريف سليمان
وزير الدولة للإنتاج الحربي يتابع موقف موازنة الشركات وتعميق التصنيع المحلي وزير الري يتفقد ترعة الشوربجي ومصرف تلا وعددًا من المشروعات بالغربية الداخلية تكشف لغز العثور على جثة ربة منزل في أسيوط ضبط مالك شركة متهم بتزوير المحررات الرسمية وتقليد الأختام الحكومية ضبط 2000 لتر سولار بحوزة سائق في أسوان ضبط متهم اشعل النيران في عامل بالشرقية حبس شاب بتهمة استعراض القوة وإطلاق أعيرة نارية بالخصوص الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصام موعد تشغيل التاكسي الطائر في الإمارات مفتي الجمهورية: مصر محل تشريف وعناية من الله دائما وزير التجارة والصناعة الكوري: نتطلع لتعزيز التعاون مع قناة السويس وزارة الشباب والرياضة تطلق أولى برامج الاحتضان لحاضنة الأعمال MOYS

مقالات

الدكتورة نادية مصطفى تكتب: الجامعة العربية بين المسؤولية و واقعنا الأليم .!

الدكتورة/ نادية مصطفى
الدكتورة/ نادية مصطفى

عندما انتقد من وقت لآخر الآداء السلبي للجامعة العربية في ادارتها للازمات والصراعات التي تدمر العديد من دول هذا المنطقة دون ان تبدو لهذا الخراب الشامل والمستمر نهاية ، فان انتقاداتي لا يمكن ان تنصرف الي شخص الامين العام للجامعة وحده، بتحمله كامل المسئولية عن هذا الإخفاق المدوي الذي لا يحتاج الي اقامة دليل عليه.

فالجامعة العربية كمنظمة دولية اقليمية عميقة الجذور ، وباعتبارها الاقدم تاريخيا من بين كل المنظمات الدولية الاقليمية في العالم، بل ومن الامم المتحدة نفسها ، هي من الرسوخ بحيث لا يمكن اختزالها ككيان دولي قائم علي مدار عقود طويلة في شخص امينها العام ، لا الحالي ولا غيره ممن سبقوه ، فهم موظفون في نهاية الأمر وعابري سبيل ، ومن أتى بهم يستطيع أن يعفيهم ويحلهم بغيرهم متي توفرت الاسباب التي تدعو الي ذلك، فهذا امر لا اتصور انه خافي علينا او على غيرنا.

فالجامعة العربية هي كل دولها برؤسائها وقادتها وزعمائها ، وهي الحاضنة المفترضة لكل اشكال العمل العربي المشترك ، وهي الرباط الجامع لكل هذه الأقطار العربية ، وهي حائط الصد الأول في وجه كل ما يتهددها من تحديات وأخطار ، بما تنتهجه من سياسات واستراتيجيات او تتوافق عليه من خطط وقرارات، ومن اجل هذا قامت.

لكنها وبرغم من كل ما يجمع بين دولها من روابط وصلات مشتركة ، فانها فشلت في قيامها بدورها ، واذا كان ذلك يمكن احتماله في الظروف العادية ، الا انه لا يمكن ان يكون كذلك في ظروف تتعرض فيها دول الجامعة لخطر التدمير الشامل بأزمات وصراعات غير مسبوقة في خطورتها وفي مدي تعقيدها ، وكذلك في ما تنذر به من عواقب كارثية وخيمة لن يقتصر ضررها علي الأجيال الحاضرة وحدها وانما ستمتد الي اجيال لم تولد بعد.

وما نعيبه علي الجامعة في تعاملها مع توابع زلزال ٢٠١١ هو انها تركت الأزمات التي اندلعت في كل مكان تشتعل بعنف وتمتد حرائقها لتأكل الأخضر واليابس، كما في سوريا واليمن وليبيا، دون ان يتحرك أحد في الجامعة العربية من ملوك ورؤساء او غيرهم لاخمادها، او لمحاولة اختراق هذه الأزمات في العمق ليتعامل مع عواملها وجذورها ومسبباتها بما ينزع فتيل الخطر منها ويدفع بها علي طريق التسوية والحل.

وهنا أقول: لو كانت الجامعة العربية تتحرك بدبلوماسية وقائية نشطة تجعلها تستشعر قرب وقوع الازمات، لكان بامكانها ان تسارع الي احتوائها وادارتها بما يناسبها من آليات وسياسات قبل ان تستفحل وتنفجر.

ولن نتحدث هنا ايضا عن القمم التشاورية المصغرة وما يمكن أن يكون لها هي الأخرى من دور إيجابي مساند في إدارة الأزمات وتسوية الصراعات، وهي آلية غائبة من الصورة تماما ولم تجري تجربتها عمليا لتقييمها علي أرض الواقع والحكم بأمانة على مدى فعاليتها في التعامل مع بعض الصراعات والأزمات العربية التي قد يجدي فيها الاستعانة بمثل هذه القمم التشاورية العربية المصغرة كما يفعلون في مناطق اخري من العالم.

فهذه آلية دبلوماسية غير مكلفة وسهلة ومتاحة، لكنها غير مستخدمة لأسباب يصعب الاقتناع بها.

وأتسائل : اذا كان هذا كله وارداً وممكنا ، فما الذي يمنع الجامعة العربية من ابتكار او استحداث مثل هذه الالية أو غيرها من آليات تسوية الصراعات وإدارة الأزمات التي سبقنا اليها الآخرون حتي وان لم يكن منصوصا عليها في ميثاق الجامعة بمواد وأحكام صريحة ؟ ولماذا نقف وحدنا كأعضاء في هذه الجامعة عند آليات تقليدية عفا عليها الزمن وتراجعت أهميتها بفعل متغيرات الظروف ؟ وما الذي يمنعنا من ان نتقدم خطوة إلى الأمام في الاتجاه الصحيح بدلا من أن نظل نراوح طول الوقت في مكاننا بعد كل ما جري لنا .؟

ما أنتقده بشدة إذاً هو نمط الأداء السلبي والصادم في ظروف عربية عصيبة لا تحتمل الفشل بمختلف صوره وأشكاله، الفشل الذي أعتبره في رأيي مسئولية أصحاب القرار وليس مسئولية منفذي القرارات من موظفي الجامعة مهما كانت فخامة الألقاب الوظيفية التي يحملونها وتضعهم في الصورة أمام الرأي العام العربي والخارجي أكثر من غيرهم، بل أكثر من بعض الرؤساء العرب انفسهم.

واعتقد أنه لا يمكن أن نتسامح مع جامعة تعيش مع نفسها في واد ، بينما يعيش الواقع العربي بأزماته وصراعاته ومشكلاته مع نفسه في واد آخر.