أيسر الربيعي تكتب: أرمانوسة التحدي والإرادة..!

رئيس مجلس الإدارة:محمود علىرئيس التحرير: شريف سليمان
الفنانة الجزائرية مريم حليم تتهم مساعدتها عملتلي سحر لتعطيل اعمالي القبض على جزارين متهمين ببيع لحوم أحصنة الولايات المتحدة تعرض 10 ملايين دولار مكافئة مقابل معلومات عن “القطة السوداء” الصحة العالمية تطلق شبكة لرصد فيروسات كورونا الجديدة وزارة الزراعة تطرح اللحوم  بسعر 270 جنيه عبر منافذها وزير الخارحية يستقبل وزير الدولة البريطاني لشئون الشرق الاوسط وشمال أفريقيا محافظة الجيزة: قطع المياه 10 ساعات عن قرى ابو النمرس.. غدًا بروتوكول تعاون بين هيئة المستشفيات التعليمية والمؤسسة العلاجية لتبادل الخبرات وزير الشباب والرياضة يناقش أليات الحد من أمراض القلب والموت المفاجئ في الملاعب وزيرة التعاون الدولي تستقبل السفير الفرنسي الجديد بالقاهرة رئيس الوزراء يتابع موقف منظومة رد الأعباء التصديرية وزير التعليم العالي يستضيف السفير اليمني بالقاهرة لمناقشة عدة ملفات

مقالات

أيسر الربيعي تكتب: أرمانوسة التحدي والإرادة..!

الكاتبة العراقية/ أيسر الربيعي
الكاتبة العراقية/ أيسر الربيعي

كثير من البشر يسعون خلف المراكز و النفوذ ، يتملقون أصحابها ، ويبيعون كل غالي لأجل الحظو بإحدى الكراسي المتنفذة ، أمّا الثابتون في مبادئهم، الراسخون في الهوية ، والكرامة.. هم الأرمانوسيون.

فمن هي أرمانوسة ؟

هي آخر أميرة مصرية قبل الفتح الإسلامي لمصر .. ابنة المقوقس .. آخر ملوك المصريين ، الذي تخاطب وتعاهد مع جيوش العرب بقيادة عمرو بن العاص ، واتفقوا على فتح مصر .

حيث كان وشاح الامبراطورية الرومانية يمتد ويفرش ظله الثقيل على بلاد شمال إفريقيا والشرق الأوسط ( دول حوض البحر المتوسط ) ، كان الملك المقوقس والشعب المصري يضيقون ذرعاً بوجود النفوذ والقوات الرومانية بتصرفاتهم المتبجحة واستغلالهم لموارد وطنهم .

و لم تكن أرمانوسة الأميرة المدللة الابنة الوحيدة للمقوقس.. بعيدة عن مشاعر الشعب التي تضطرم كجمرٍ متوهج ينتظر الفرصة المناسبة لانبثاق لهب الحرية في وجه المستعمر ، بل ربما كانت أكثرهم ضيقاً بهذا الظل الرومي ، حيث إنها كانت مخطوبة بالإكراه لقسطنطين ابن قيصر الروم الذي كانت تمقته ، لتعدي قواته على بلادها ، و خيراتها ، ولفرض خطبته عليها بنفوذهم، على عكس رغبتها .

حيث كانت تكتم مشاعر الحب لضابطٍ مصري ، و لكنها كانت تخشى الإفصاح خوفاً على حياته ، و من ردة فعل جيش الروم بقيادة قسطنطين المغرور على شعبها و قوات الجيش المصري.

فهل استسلمت لنوائب القدر ؟ أم كان للحكمة والكرامة رأيٌ آخر ؟

حافظت أرمانوسة على عهودها مع حبيبها دون أن تخل بسمعة أبيها أو تعرض حياتهم جميعاً للخطر ، وصبرت على عدم ملاقاته أو محادثته كي تتجنب عيون مراقبي خطيبها ابن القيصر الروماني ، ولأنها تدرك ألا يليق بها أن تُوصم بالخيانة وهي سليلة الأصل و الشرف.

وازنت أرمانوسة بالحكمة التي ورثتها عن جداتها ومن موروثها الحضاري .. حيث سمعت بنجاحات وامتداد جيش العرب ، وبزوغ دولتهم الفتيّة .. شجّعت والدها ولم تتخطاه ، أن يرسل المراسيل خفيةً ، و يتعاهد مع خليفة المسلمين على بنود فتح مصر.

حيث يستطيع الجيش العربي مواجهة جيش الرومان ، فتنضم القوات المصرية في المعركة لجيش عمرو بن العاص، فيقتلعوا أنياب الامبراطورية الرومانية بعمل كمّاشة قتالاً وحصاراً على أن يحتفظ المصريون بسيادتهم على أرضهم ، وحقوق المواطنة ، ومشاريعهم وممتلكاتهم وأموالهم وأراضيهم ، ومعابدهم وديانتهم، على أن يتكفل الجيش العربي بالحماية وتدخل مصر ضمن حدود الدولة العربية باقتصادها وكيانها وعلومها وحدودها ، و قد كان بالصبر والإخلاص والإرادة .

تحقق للشعب المصري ولأرمانوسة ما أرادوا ، واستعادوا نقاء الهواء بخروج آخر جندي روماني ( من استطاع منهم النجاة ) ، و تزوجت بحبيبها ، فتظافرت الأفراح.. فرح الحرية ، وفرح الزواج ، وفرح الاستقرار المبني على الإرادة القوية .

وهنا دخل عمرو بن العاص مصر ، وأنشأ أول معسكر لقواته في منطقة بساتين ، حيث توسط خيام الحنود خيمته الكبيرة والتي تُدعى بالعربية ( الفُسطاط ) حيث أنها مقر إقامة القائد و غرفة الاجتماعات ، وبرغم تغير مكان العاصمة المصرية ومقر الحكم مراراً ، إلا أن هذا الموقع لايزال يُدعى بالفُسطاط إلى يومنا هذا.

وأمّا أرمانوسة ، فكجنديٌ مجهول .. توارت في حياةٍ طبيعية كمواطنة مصرية عادية ، متخلية عن بريق المسميات كأميرة ، أو زوجة أمير الامبراطورية الرومانية. أخلصت لوطنها .. وحبها .. وشرف نسبها .. و إرادة شعبها .

فتحيةً لها ،وتحية لكل الأرمانوسيون .